و القرآن كله كلام الله المتعبد بتلاوته .. و أنا من عشاق سورة آل عمران .. و بالذات الربع الذي يبدأ ب " ان الله اصطفى آدم و نوحا و آل ابراهيم و آل عمران على العالمين .." و يحكي الله تعالى فيه قصة امرأة عمران و ولادة السيدة مريم
و معلومة على الطاير .. امرأة عمران اسمها " حنّة بنت فاقود" أو "فاقوذ" لا أعلم ايهما اصح وردت في بعض الكتب بنقطة و في بعضها بدون نقطة على الدال
هذه الآيات مرتبطة بشكل كبير في تربية البنات و كتب فيها جاسم المطوع مقال لطيف في مجلة ولدي قبل اكثر من سنة تقريبا و للأسف لا أحتفظ به
مختصر القصة -لمن لا يعرفها - أن حنّة زوجة عمران .. لم ترزق بالولد .. و لم تحمل ..
و مرة من المرات رأت طائرا مع فراخه فاشتهت الولد .. فدعت الله تعالى أن يهبها ولدا .. فحملت
و عندها نذرت لله أن جنينها الذي في بطنها سيكون مفرغا و مخلصا للعبادة و الخدمة في بيت المقدس ..
لكن النذر للخدمة في بيت المقدس كان للصبيان فقط .. للأولاد و ليس للبنات
لذلك اعتذرت الى الله عندما وضعتها :
" قالت رب اني وضعتها انثى " .. " و الله أعلم بما وضعت " ..
" و ليس الذكر كالأنثى"
اما الآية : " و ليس الذكر كالأنثى "
فتسمى جملة اعتراضية من كلامه تعالى هي و الآية التي قبلها .. و جاءت هنا تعظيما لشأن مريم ..
المولودة الانثى التي لم تكن تنتظرها حنة امرأة عمران بل كانت تنتظر الذكر ..
لتهبه للخدمة في بيت المقدس
المهم .. لن اكمل القصة لأننا وصلنا الى ما نريده منها " و ليس الذكر كالأنثى"
بالرغم من أن هذه الآية جاءت في قصة مريم عليها السلام و تعظيما لشأن هذه الأنثى ..
لكن في هذه الآية التي جاءت بصيغة العموم تقرير أن هناك فروقات بين الذكر و بين الانثى ..
أيا كانت هذه الفروقات ، لكن في الآيت اشارة الى وجود فروقات
و هذا هو زبدة ما سنتكلم عنه اليوم و ربما في ايام لاحقة ايضا ..
ما هي الفروقات بين الذكر و الانثى و التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار في مجال التربية ..
و كيفية التعامل مع هذه الفروقات بحيث تربي رجلا كامل الرجولة .. أو امرأة في غاية الأنوثة
من الأخطاء الشائعة في التربية أن أم البنت و أم الولد تكون لهم توقعات متساوية من أطفالهم حتى في السنوات الاولى من عمر الطفل..
و يربون البنت و الولد بنفس الطريقة ..
هذا الأمر يكون سليم ربما خلال أول ثلاث أو أربعة أشهر ..
لكن الحقيقة التي لا جدال فيها الآن أن هناك فروقات
و لهذه الفروقات أوقات -خلال عمر الطفل- تزداد فيها و تشتد و تظهر
كتاب " تربية الأولاد " ل ستيف بيدولف من أفضل الكتب التي قرأتها و احتوت على تفاصيل لهذه الفروقات .. و كيفية التعامل معها فيما يتعلق بتربية الأولاد
كما ان د.مصطفى ابو السعد ايضا تكلم عن الموضوع بدون تخصيص لذكر او انثى لكنه عالج في كتابه " الاطفال المزعجون" بعض السلوكيات المزعجة التي تكون غالبا مرتبطة بالاولاد
لن نتكلم فقط عن الأولاد .. سنبدأ فقط بالأولاد ثم نتناول بعد ذلك تربية البنات
لما قرأت في الموضوع .. وجدت أن المشاكل التي تعايشها كثير من الاسر مع الولد في سن المراهقة ..
أساسها و جذورها تكمن في عدم تفهم الاحتياجات الخاصة للولد في سنواته الأولى ..
لا أخفيكم سرا .. كنت أخاف من بلوغ الولد مرحلة المراهقة الأولاد بالذات..
لكني الآن مطمئنة أكثر .. سبحان من بدء الوحي ب " إقرأ"
علينا فقط ان نحرص على اشباع حاجاتهم الفطرية .. و التي تختلف عند الأولاد عنها عند البنات
و هي احتياجات تفرضها تغيرات بيولوجية و هرمونية داخل جسم الولد ..
و عندما تتفهمها و تشبعها .. سيسهل عليك فيما بعد التأديب و التربية و صياغة شخصية الولد .. أو قل الرجل
هو مو قاصد يعاند و ينط من مكانة لما تقول له اقعد و لا تتحرك و هو ابن 4 سنوات
و مو هدفه يفرض شخصيته و يكسر كلمتك بس هو صج ما يقدر !
و انت حتى تطاع .. عليك أن تطلب المستطاع ..
لكن في المقابل إحذر من أن يفهم الولد بسبب لينك الزائد معه أنه هو مصدر السلطة و ان الكلمة كلمته ..
و انه عندما يطلب منك شيء فعليك الاستجابة له.. فقط لأنه طلب ذلك ..
الكثير من الآباء يرضخون للأبناء فقط لأن الأبناء اكتشفوا نقاط ضعفهم و هي الخوف من دموع الطفل او هياجه
دعونا نبدأ باستعراض بعض الحقائق العلمية -المذهلة في الحقيقة- ثم نعلق عليها :
- كل الأجنة تكون اناث في بداية الحمل ثم يتغير نوع بعض الاجنة الى ذكور في الأسبوع السابع من الحمل .
-هرمون التستوستيرون الذي يفرز في الاسبوع الثامن من الحمل هو المسئول عن الصفات الذكورية .. و هو المسئول عن بعض التغيرات في مخ الجنين الذكر و جسمه.
-عند سن 4 سنوات .. يزداد فجأة مستوى هذا الهرمون الى الضعف .. و يصبح الطفل اكثر رغبة في الحركة و المغامرات الجريئة و اللعب الخشن في طفرة غير معروف سببها.
- ينخفض مستوى الهرمون الى النصف مرة اخرى في سن الخامسة .. و يهدأ قليلا بالرغم من ان الكمية الموجودة من هذا الهرمون تزيد رغبته في النشاط و المغامرة
- بين 11- 13 سنة تتضاعف نسبة التستوستيرون بحدّة حتى تصل الى 800 % من نسبتها عندما كان في مرحلة الحبو !
- مخ الطفل الذكر يتطور ببطء شديد عن مخ الأنثى .
- الوصلات بين الجانب الأيمن و الجانب الأيسر من مخ الطفل الذكر تكون أقل من الانثى و هذا يعني أن البنات يستخدمن الفصين معا بشكل فعال أكثر من الأولاد الذين يميلون الى استخدام احد الفصين فقط .
- النصف الأيمن من المخ عند الذكور يكون غنيا بالتوصيلات الداخلية (لكنه فقير بالتوصيلات التي تربطه مع النصف الايسر) و هذا الأمر بالذات مرتبط بميل الذكور الى تفكيك الأجهزة الى أجزاء .. فغالبا هذه الهواية غير موجودة عند البنات
- في سن السادسة أو السابعة يكون تطور عقول الاولاد متأخر عن عقول البنات ما بين 6 الى 12 شهر و هذا يؤثر بشكل خاص على استخدام الاصابع و الحركات الدقيقة (الكتابة بالقلم - استخدام المقص)
- يميل الاولاد الى استخدام العضلات الكبيرة في الجسم (و ليست الدقيقة كالاصابع كما اشرنا في النقطة السابقة ) و هذا يجعلهم يميلون الى الحركة في الفصل و عدم الرغبة في الجلوس هادئين
- و الحقيقة التي اشارك ستيف بيدولف (مؤلف كتاب تربية الاولاد ) بها .. أنه يبدو على الغالب ان نظام التعليم في المدارس مصمم للتعامل مع المسنين !
مع هذه الحقائق العلمية .. ما الحل ؟
و اذا تفهم الأبوان هذه الفروقات و تمت مراعاتها في تربية الأولاد .. هل ستتفهم المدرسة ؟
ان تغييرات بسيطة في اسلوب التربية و أفكار قليلة نابعة من فهم احتياجات الطفل قد تحقق نتائج كبيرة غير متوقعة في التربية ..
بالمناسبة .. ذكرت في بوست سابق عن سهولة تكون الوصلات العصبية في دماغ الطفل خلال السنوات الأولى ..
و من معرفة المعلومة التي تقول ان الوصلات التي تربط الفص الايمن و الفص الايسر من دماغ الطفل الولد أقل من البنت ..
فأعتقد أن علينا تخصيص أنشطة خاصة للولد تساعد في تكوين وصلات بين فصي الدماغ الايمن و الايسر .. تمارين و ألعاب ذهنية تتطلب استخدام فصي الدماغ الايمن و الايسر .. فهذا هو الباب الذي يلج منه الطفل الى الابداع
و أنا أتمنى أن نرى تخصيص لكتب التمارين و الالعاب الذهنية و الحركية التي نراها في المكتبات .. فكتب مخصصة للولد و كتب مخصصة للبنت تطور جوانب الضعف الخاصة عند كلا الجنسين و تعزز جوانب القوة .. فيسهل على المربين و الآباء اختيار ما يناسب جنس الطفل
و أنا ذكرت هنا كتب الالعاب و التمارين الذهنية و الألغاز لأهميتها في بناء مهارات الطفل و خاصة المهارات الذهنية و قدرته على التخيل و الابداع و النظر للأمور بزوايا مختلفة .. فلا يختلف اثنان اليوم على أن التعليم باللعب هو السبيل الأنجح في تحقيق نتائج ايجابية و تطوير مهارات الطفل.
يقول د.عبدالناصر فخرو :" استخدام الألعاب في التعليم ليس أمرا جديدا و لكن طريقة تنظيمها و توظيفها يعد منحى جديد و يمكن أن توظف الألعاب و الألغاز لتذكي روح التنافس بين الطلبة و تنمي مهارات التفكير و الاتصال و اتخاذ القرارات ... ان المواد التعليمية المسلية تكون أكثر قدرة على الإحتفاظ و البقاء في ادراك الطالب"
عودة للأولاد ..
من الحقائق العلمية التي استعرضناها سابقا .. أعتقد أن هناك مراحل حرجة و خاصة في عمر الطفل و يجب أن تسترعي انتباه الوالدين
أولا : سن 4 سنوات
من المعروف ان هذا سن ذهبي .. سواء عند البنت أو الولد .. لكن لكل جنس اسلوب مناسب لإستغلال هذا العمر ..
و لأن مستوى هرمون التستوستيرون تتضاعف .. فلا تجبر الطفل على قضاء ساعة كاملة و هو جالس مع شيخ مثلا لحفظ القرآن .. صحيح كلنا نحب أن يحفظ أولادنا القرآن .. لكن تفهم حاجته للحركة في هذا العمر .. ابحث عن بدائل مؤقته اذا كنت ترغب في بداية تحفيظ الطفل القرآن .. أو أي مادة تجبره على الجلوس لفترة طويلة ..
من المفيد اقتناء العاب تساعد على تفريغ طاقته مثل كرة السلة أو النطاطية و هذي الأخيرة أكثر الأطفال يحبونها
اذا الممشى قريب .. خذه مع دراجته و فرصة انت تمشي و تخفف وزنك و هو يفرغ طاقته .. و فرصة للحوار و الحديث مع الطفل كذلك
بالطبع الكلام السابق لا يعني أن لا يتعلم الطفل شيء في هذا العمر .. لأنك ستخسر الكثير فهذا عمر ذهبي .. و الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر .. لكن ابحث عن اسلوب يناسب الولد .. و لا تفرض عليه اسلوب يناسب المسنين !
بالنسبة للقرآن مثلا ممكن تهديه اللعبة المعروفة على شكل لابتوب و فيها سور جزء عم .. واعتقد انها ستشده أكثر أثناء جلوسه في السيارة عندما يكون مطالب بوضع حزام الامان و الجلوس هادئا في مكانه
و ممكن تستغل وقت النوم بصورة فعالة .. الطفل يهدأ لأنه نعسان و الحفظ في هذا الوقت (قبيل ان يغط الطفل في النوم ) ينصح به و يثبت و حتى لو نام .. اترك القرآن فترة لأن العقل الباطن يخزن .. و كثرة التكرار ستسهل الحفظ مستقبلا
بالنسبة لتعلم القراءة و الكتابة .. لا تشدد كثيرا على تعلم الكتابة في هذا السن لأنه كما قلنا سابقا لا يتحكم بالحركات الدقيقة بشكل جيد .. لكن دعه يطور هذه القدرة بدفاتر التلوين و الألوان .. و كذلك اللعب بالطين (الصلصال) يساعد في تقوية عضلات اليد
تعلم القراءة أسهل بكثير من تعلم الكتابة على الطفل في هذا العمر .. و شخصيا اعتقد لابأس من تأخر تعلم الكتابة فتعلم القراءة أهم من تعلم الكتابة فالقراءة هي مصدر تلقي المعلومات
احذر من كثرة السكريات و الحلويات في هذا العمر لأنها تزيد النشاط - هو بروحة مو ناقص- مع محاولة الاستعاضة عنها بحلويات من شغل البيت لا تحتوي على مواد حافظة و ألوان صناعية .. حتى العصاير المعلبة فيها مواد حافظة و كثرتها يزيد النشاط
اقرأ له كثيرا .. فهو يحتاج الى حصيلة من الكلمات .. حتى في الأوقات التي يلعب بها و يتحرك.. شغل مسجلة بجواره حتى تنمي عنده حصيلة من المفردات اللغوية .. توجد قصص سمعية للأطفال ( مفيدة للوالدين المشغولين :) )