الخميس، 7 مايو 2009

أعظم حوار ديمقراطي ..






ياااااه من زمان عنكم



و الله اشتقت للعين .. و اشتقت لكم

لم يسبق أن طال غيابي كل هذا الوقت .. الأهم من الغياب .. هل تعرفون مالموضوع الذي أعادني للكتابة

البوست فرض نفسه .. موضوع دفعني بشدة الى الكتابة هنا .. قفزت على بعض البنود الأكثر أهمية في جدولي لأستطيع كتابته .. ضميري يؤنبني .. لكن أعتذر من جدول أولوياتي .. متعطشة للكتابة .. كانت عندي مواضيع كثيرة .. بس اليوم كان ينتهي دائما قبل ان أصل الى بند كتابة بوست :)




ليس موضوعي عن مهارات التفكير و لا تربية الابناء


و لا لم أرجع لأنشر لكم مقاطع من روايتي التي بدأت بكتابتها و هي جزء ثاني عن رواية كتبتها قبل 13 سنة ..


علما بأن الجزء الأول من الرواية أفرزته الضغوط فقد كانت الرواية وسيلة للهروب (كان في فترة امتحانات الثانوية العامة) و الجزء الثاني اكتبه الآن في ظروف حرجة ليست أقل وطأة .. و الا لما كنت بعدت عنكم ..


هل هي الانتخابات التي استأثرت بكثير من الساعات .. هل هي ما سأتكلم عنه ؟ .. لا تستهويني السياسة


كنت أعد دورة عن سيرة ابن الخطاب و قصة فتح بيت المقدس .. و ما أدراك ما عمر.. و قرأت في أحد الكتب (الخلافة و الخلفاء الراشدون بين الشورى و الديمقراطية - سالم البهنساوي)

قرأت عن أرقى حوار ديمقراطي لم أسمع عن مثله في حياتي ..


أرقى استجواب في التاريخ .. ياليت يوزع على كل المرشحين و بالذات مرشحي التأزيم .. ليروا نفسية المُستجوِب و المستجوَب ..


ليروا رقي ما بعده رقي، و هل بعد هذا نعجب كيف سقطت في خلافة عمر حصون الفرس و الروم .. لتفنى كل قوة عظمى على الأرض .. فإن كان عمر .. فلا كسرى و لا قيصر

بل أنعجب أن يختار الله عمر من بين كل البشر ليتسلم مفاتيح بيت المقدس بعد قرون طويلة حكمه بها الرومان .. و كيف .. كما وصفه الانجيل .. هامة عالية .. و ثوب ممزق


ثوب ممزق من طول السفر و يحمل نعليه في يديه حتى لا تسقط من رجله .. لأنه يخوض في الطين .. يدخل مع غلام له .. الغلام راكب و عمر ماشي .. و الحشود تترقب .. هل هذا هو عمر؟ .. نعم هو كما جاء وصفه في كتابهم السماوي .. هامة عالية و ثوب ممزق ..

و لو شاء عمر لجاء من المدينة الى بيت المقدس في موكب مهيب مكلل بالفخر .. إلا أن درسا أراد عمر أن يعلمه للملوك .. إن العزة بالله لا بسواه

هل تذكرون ما هو أول قرار عسكري اتخذه عمر عند توليه الخلافة ؟ أتدرون ما هو ؟

أول قرار عسكري اتخذه كان عزل خالد بن الوليد عن قيادة جيش الشام .. في ظروف استثنائية في قلب المعركة و في مشهد يثير العجب و الدهشة .. لولا أن خالدا باع دنياه بآخرته .. لما قبل عزله بهذه الصورة ..



فهل سكت خالد على هذا العزل بعد أن رجع الى المدينة ؟

سأنقل لكم حوار دار بين عمر وبين خالد . . النص بالأحمر و تعليقي بالأسود .. فتعالوا معي لنرى الديمقراطية التي يجب أن يتبناها المشرّعون ..



ديمقراطية .. لا نظير لها في التاريخ .. نعم لا نظير لها في التاريخ

لما عاد خالد الى المدينة بعد انتهاء المعارك و لم يكن له أي ولاية أو عمل طلب من الخليفة أن يجمع الناس في المسجد ليحاسبه و يناقشه عن عزله ..



يعني مثل ما نقول يبي يقدم استجواب لعمر بن الخطاب أمام المسلمين في المسجد الذي كان هو برلمانهم .. طبعا عمر كان أمير المؤمنين الذي زلزل عروش الفرس و الروم .. و ليس رئيس وزراء مثلا



فاستجاب الخليفة .. فقال خالد للمسلمين في مواجهة الخليفة : لقد نزعت عاملا ووضعت لواء رفعه رسول الله صلى الله عليه و سلم و اغتمدت سيفا سله الله .


حرية في التعبير .. هذا هو ديننا



قال عمر : إني لم أعزل خالد عن سخط أو خيانة .. و لكن الناس فتنوا به فخفت أن يوكلوا إليه



هي مو مسألة شخصية .. و حتى لو عمر كان أعلى سلطة في الدولة الاسلامية .. فهو مطالب بتقديم تبريرات و أسباب منطقيه لقراراته التي اتخذها .. مو غلط ان الناس تفهم .. ليش



أكمل عمر : أما على مناقبك فهذه في سبيل الله و من أجلها وليتك و أما معايبك فمن آثار الجاهلية و لذا عزلتك لإستعلائك بالحروب و فتنة الناس بك .


عمر ما يشكك في مناقب خالد .. لكن أيا كان المستوى الذي يصل اليه الانسان فهذا لا يعفيه من المحاسبة و من عزله من منصبه ان رأى ولي الأمر ذلك فالمسألة في النهاية ليست شخصية و النصيحة واجبة .. و المسئول امام الله هو عمر ..


و تحضرني هنا كلمة رائعة للراشد - طبعا مو المرشح أقصد محمد احمد الراشد - :



"و ليس بصواب أن يضع داعية نفسه فوق التربية و يستعلي على حديث يزجره عن السوء و لو سمعه مائة مرة ، فإن في النفوس – كل النفوس – قابلية لطيش في أوقات الغفلة ، فتنزل الى مستوى العوام ، و إن استقام صاحبها على دين الفقهاء العباد دهراً ، أو حاز على أعلى شهادة و أرقى منصب و أضخم رصيد مالي ، بل و إن ابيضت لحيته و تجاوز الكهولة سنه "





عودة للحوار ..


يرد خالد : إن عمر عزلني في المرة الأولى عن امارة الجيش في الشام زاعما أن الناس فتنوا بي ، (طبعا فتنوا بخالد لأن




خالد لم يهزم قط لا في جاهلية و لا اسلام فخاف عمر أن يكلوا النصر لكون خالد موجود وليس لله تعالى و تأييده و نصرته لهم) فهل يريد الخليفة ألاّ أكسب للمسلمين النصر حتى لا أكون صنما يعبده الناس كما زعم فيكون عليه أن يحطمه !


صراحة ووضوح .. طلع كل اللي في قلبك .. بأدب و رقي بدون بذاءة أو اساءه .. هذا هو ديننا



يرد عمر : لقد عزلت المثنى بن حارثة يوم أن عزلتك فلم يشكني الى الناس مثلك !




خالد : لو كان المثنى من قريش لكان له شأن آخر ..



يا جماعة .... احنا بشر و الصحابة بشر .. مو غلط انك تغلط أو تتضايق من مسئول تعتقد انه غلط في حقك ..


بس افتح قلبك .. اشتكي .. و على الطرف الآخر أن يقبل سماعك حتى لو كان هو عمر بن الخطاب و حتى لو كان هذا الحوار على الملأ .. هل قلل هذا الحوار من مكانة عمر و من هيبة عمر عند المسلمين؟ .. تعالوا نشوف شنو صار في النهاية



خالد : أما كنت تخشى أن تأخذني العزة بالاثم فأبطش برسولك و أعلن عصيانك و الخروج عليك !



عمر : ما كنت تفعل ذلك و أنا حي.



رحم الله عمر .. أي صلب شديد في الحق كان!



خالد: لقد راودتني نفسي على ذلك (منو يتكلم عن الشفافية .. تعالوا شوفوا الشفافية في هذا الموقف) و ما يدريك يا عمر ألاّ يكون الصحابة معي عليك فإنهم كرهوا شدتك و لولا خوفهم منك لصارحوك برأيهم .


بدأ الموضوع يصير خطييييييير .. في طرح ثقة




قال عمر: أحقا يا صحابة رسول الله ؟



فينهض سعيد بن زيد فيقول : نعم يا أمير المؤمنين قد كرهنا شدتك ، و ان لم نضق بعهدك .




عجيييب كانوا ساكتين .. واحد شجاع وقف في وجه عمر ينتقده فحركهم .. و سعيد هذا اتدرون من هو ؟ هو زوج فاطمة بنت الخطاب .. أسلم عمر في بيته بعد أن ضربه عمر بسبب اسلامه و القاه على الارض قبل أن يقرأ الآيات التي كانت عنده .. ثم اسلم مباشرة بعد أن قرأ الآيات حيث قال: لا ينبغي لمن هذا كلامه أن يكون معه شريك يعبد. و كانت آيات من سورة طه (بعض الروايات تقول سورة الحديد)



عمر مخاطبا سعيد بن زيد: هل هذا رأيك وحدك ؟
فيجيب سعيد .. بل رأي علي و عثمان و طلحة و الزبير و ابن ابي وقاص و ابن عوف فقام عبد الرحمن بن عوف يؤيده على ذلك !

الله أكبر .. كل هؤلاء .. و ساكتين .. هل كان عمر شديد الى هذه الدرجة .. ما رأيكم .. كيف يتصرف عمر ؟ يحل المجلس و يفتك من التأزيم و يطرد أهل الشورى ؟ و يقول لهم اللي عاجبه عاجبه و اللي مو عاجبه يشرب من ماي البحر !!!! و ياويله اللي اسمع صوته المرة الياية !!


لا طبعا ..


و هنا يطلب عمر من الصحابة مخرجا .. فيقول خالد : أن تعتزل هذا الأمر ليختار المسلمون غيرك.

جرأة من خالد صح! عمر الشديد الذي اذا ضرب أوجع .. كيف سيرد؟؟؟

فيقول عمر : لو فعلت لأدركت حظ نفسي من الراحة و السلامة


اي و الله .. ليش.. هو اللي يجري في الشمس الحارقة وراء ناقة من أموال الصدقة أو يخاف أن تتعثر بغلة في الطريق فيسأله الله عنها و في نهاية حياته يموت مديون و يوصي ابنه عبدالله أن يدفع دينه .. مثل هذا أحب اليه ان يبقى أم ان يعتزل؟

أصلا راحة نفسه في ترك هذا الأمر .. خاصة انه فوق كل هذا .. و الصحابة يتذمرون من شدته


ووجه سؤاله الى الصحابة : هل يوافقون على اعتزاله و هو راحة له؟

فقال أبو عمرو بن حفص : اعتزل ياعمر

تصويييييت


فاعترض الصحابة و علت أصواتهم و قالوا .. اسكت يا صبي بني مخزوم .. إن خير المسلمين في بقاء عمر ، لا يصلح لهذا الأمر غيره.

اي و الله .. لا يصلح لهذا الأمر في هذا الوقت غيره .. و نجح و اجتاز التصويت و أعطاه المسلمون الثقة من جديد و رفضوا اعتزاله بأغلبية ساحقة ..

هاااااااااا شنو موقف خالد الحين ؟؟؟؟


هنا يعلن خالد صواب رأي الصحابة و بقاء عمر و يطلب أن ينصرفوا حتى لا يغزوهم الروم

بعد النتيجة .. نحترم رأي الأغلبية .. احنا مع رأي الجماعة .. لا يجتمع اصحاب رسول الله الا على صواب و خير و لا يجتمع رأي المسلمين الا على صواب ان شاء الله فهل انتهت السالفة ؟؟؟

فيقول عمر : لا ياخالد .. حتى أطمأن أن الله قد أصلح أمرنا و اتفقت كلمتنا و يئس الشيطان أن يفرق بيننا ..

الله أكبر على هذه الروعة .. الله أكبر على هذا الرقي من أمير المؤمنين الذي تم استجوابه قبل لحظات و تكلم فيه الصحابة قبل قليل .. مافي شيء شخصي .. و الاختلاف لا يفسد للود قضية .. كيف لا يكون فاتح القدس !


و هنا أعلن عمر عن سياسة داخلية جديدة ليعالج ما لم يعجب الصحابة رضوان الله عليهم في سياسته القديمة .. عمر كان يعلم في نفسه الشدة و كان يدعو الله و يقول : (اللهم اني غليظ فلينّي ، اللهم اني ضعيف فقوني ، اللهم اني بخيل فسخّني)



أصلا باعتقادي أن أكبر سر من أسرار عظمة عمر و عبقرية عمر أنه كان يعرف نفسه كما لم يعرف أحدا نفسه من قبل و كان خبير بمداخل الشيطان .. فكيف لا يخافه الشيطان كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ..


طبعا سياسته الجديدة التي أعلنها قبل خروجه من البرلمان أقصد المسجد و فيها نبرة اللين .. هي :

" لا يخرج مني الخراج الا بحقه ، و أن أزيد عطاياكم و أرزاقكم ، و أسد ثغوركم ، و لا ألقيكم في المهالك ،و إذا خرجتم في البعوث فأنا أبو العيال فأعينوني على نفسي بالنصيحة و بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر غفر الله لي و لكم "

استجواب .. خرج منه المسلمين أكثر لحمة .. و زادت في نفوسهم المودة و الرحمة .. تصافت القلوب .. لا غالب و لا مغلوب .. و مالكم الا طيبة الخاطر


فهل نحلم بمثله يا مرشحين الأمة الكرام و يا ناخبين ؟

بيدكم القرار .. انتم من يختار