الأحد، 10 يناير 2021

خطتك للعام الجديد .. 5 خطوات بسيطة




          صباح الخير .. تستيقظ في صباح العاشر من يناير و تفكر في أنك لم تخطط للسنة الجديدة ، يقرصك ضميرك قرصة خفيفة و تكمل حياتك بلا خطة..  فلون الشمس لن يتغير و عدد ساعاتك لن يزيد أو ينقص كما أن طباعك التي جُبلت عليها ستبقي هي هي ذاتها . 

ما هذا الذي تفعله

          هل فعلا تعتقد أن الخطة لن تحرك مياهك الراكدة أو تغير شيء في حياتك ؟ أم أن تجاربك السيئة مع التخطيط تحاصرك؟ 

نحن كائن متعلم أعظم ما أودع الله فينا قدرتنا على التغيير و قدرتنا على التعلم و يبقى هو قرارك أن تتغير أو تتجمد مكانك ، فالكون لن يتوقف من أجلك و الحياة تمضى معك أو بدونك لكن بعض البشر لا يرغبون في الخروج من هذه الحياة كما دخلوها ، لا يخرجون إلا بعد أن يتركوا بصمة غائرة في وجه الدنيا أوربما في قلب إنسان أو على صفحة من صفحات التاريخ . 

               لا يهم ما الذي تنوى فعله اذا كنت ترى طريقك بوضوح ، المهم كيف و متى ستتحرك ؟ 

      رغباتك ، أحلامك ، أمنياتك تبقى باهتة باردة ما لم تنفخ فيها روح العزم و الجد و العمل و الحركة ، خطواتك الصغيرة المستمرة كل يوم ، رحلة إنجازاتك التي تروى في قلبك شعور السعادة ، ابتسامة أطفالك و رضى والديك تستحق منك أن تتأمل و تنظر في كيف ستقضي أيامك القادمة و ما الذي تحتاج إلي القيام به بشكل عاجل و ما الذي من المهم أن تفكر به اليوم  حتى و أن لم يكن عاجل لكنك لن تتنازل عن تحقيقه لأنه مهم رغم كونه غير عاجل.


هل تأخرت ؟ 

         ربما.. لكن أن تأتي متأخرًا خيرٌ من أن لا تأتي أبدا ، و لذلك سأشاركك هذه الخطوات الصغيرة الخمسة  التي قد تساعدك لاستدراك أيامك و التخطيط للعام الجديد 2021 .


أولا : خطط للمستقبل متعلمًا من الماضي و معتبرًا به . 

لا تفصل سنواتك و كأن كل سنة منها كتاب منفصل، بل خطط لها و كأنها فصول في رواية مترابطة الحبكة متناغمة الأحداث، بالتأكيد أنت لا تملك و لن تستطيع توقع أحداث الفصل القادم من حياتك - و قد علمتك سنه ٢٠٢٠ هذا الدرس جيدًا على ما أظن -  لكنك على الأقل سوف تعرف ما الذي نجحت فيه خلال العام الماضي و يحتاج منك إلى المواصلة و الإستمرار و ما الذي أخفقت فيه و يحتاج منك إلى إعادة النظر أو ربما التركيز أكثر و التعلم من التجارب الفاشلة لصناعة تجارب جديدة أفضل . 


        لذلك إذا لم تكن طبقت من قبل تمرين عجلة الحياة حيث تقسم حياتك إلى مجالات رئيسية لتقييمها ف اطبع هذا الجدول و اتبع التعليمات (تمرين عجلة الحياة يُغني عن هذا الجدول لكن شخصيا افضل الجدول لأنه يقلص عدد المجالات و يدمج المتشابه  )  : 


 

المجال

2020

2021

-1

الشخصي

(التعبدي/القرآن /النمو الذاتي  /القراءة / …الخ)

في هذه الخانة اكتب نجاحاتك و إخفاقاتك في المجال الشخصي علاقتك مع الله ، القرآن ، التعلم ، تطوير نفسك ، الدورات ، كل ما هو شخصي و تقوم به لترتقي بنفسك (و لا يدخل فيه دراستك إن كنت طالب في جامعة أو دراسات عليا) . 

في هذه الخانة اكتب أهم ٣ أشياء (أهداف) عليك القيام بها لتحسين حياتك الشخصية الخاصة. 

-2

المهني

(الوظيفة / مشاريع خاصة/مشاريع تطوعية مجتمعية.. الخ)

في هذه الخانة اكتب نجاحاتك و إخفاقاتك في المجال المهني و يشمل كل الأعمال التي تقوم بها مقابل أجر مادي أو معنوي أو لتحقق قيمة لنفسك ، وظيفتك و مشاريعك و أعمالك التطوعية. 

في هذه الخانة اكتب أهم ٣ أشياء (أهداف)  عليك القيام بها لتحسين الجانب المهني من حياتك . 

-3

الصحي

(الصحة الجسدية / الصحة النفسية ) 

في هذه الخانة اكتب نجاحاتك و إخفاقاتك في المجال الصحي ، عاداتك الغذائية و الرياضة و الاهتمام بصحتك ، و أيضا صحتك النفسية 

( بعض الناس لديهم مشاكل نفسية تعيق حركتهم في الحياة عليهم التعامل معها)  البعض يحتاج أوقات هدوء و تفكير لتجديد نشاطه و التقاط أنفاسه، كيف هو اهتمامك بصحتك النفسية؟

في هذه الخانة اكتب أهم ٣ أشياء (أهداف) عليك القيام بها لتحسين حياتك في الجانب الصحي . 

-4

العلاقات 

(الأسرة / العائلة / الأصدقاء / التواصل الاجتماعي ) 

في هذه الخانة اكتب نجاحاتك و إخفاقاتك في مجال العلاقات و يشمل كل علاقاتك القريبة و البعيدة حتى وسائل التواصل الاجتماعي  و طريقة تعاطيك معها

( هذا المجال لا يشمل حسابات التواصل التي تم إنشاءها كجزء من مشروع أو لأغراض غير العلاقات الشخصية ) 

في هذه الخانة اكتب أهم ٣ أشياء عليك القيام بها لتحسين علاقاتك. 

-5

الأنظمة

(العادات اليومية / العادات الاسبوعية / مواعيد تقييم و مراجعة الخطط) 

ما هي عاداتك السيئة التي سحبتك بعيدا عن أهدافك ؟ ما هي العادات الجيدة التي اكتسبتها و تنوى الاستمرار بها ؟ هل قمت بعمل تقييم لخطتك الشخصية ؟ 

ما هي العادات الجديدة التي تحتاج الى ادخالها في حياتك هذا العام لتساعدك في تحقيق أهدافك ؟ ما هي العادات السيئة التي تنوى إحلال عادات جيدة محلها ؟ متى تنوي تقييم خطتك الشخصية. 



ملاحظة : يمكنك زيادة عدد الأهداف أو تقليلها ، لكن تذكر كل هدف إضافي يقلل من فرصة تحقيقك لأهدافك ، كلما قللت عدد الأهداف كان أفضل . 

ثانيًا : رتب أهدافك حسب الأولوية . 

انظر لأهدافك في المجالات الأربعة السابقة (انسى الآن موضوع الأنظمة قليلا) و رتب أهدافك بحسب أهميتها بالنسبة لك هذا العام ، اذا كان لديك ٣ أهداف في كل مجال ف عليك ترتيب ١٢ هدف بحسب أهميتهم لحياتك و أعرف كم هو صعب تقدير الأهم .. كل حياتنا مهمة و إن ركزنا على جانب واحد و أغفلنا بقية جوانب حياتنا فإننا نميل و ننحرف عن تحقيق التوازن لكن ألا تتفقون معي أن بعض الأهداف سيكون لها تأثير مباشر على أهدافنا الأخرى ؟ إذا كنت مهملا في صحتك مثلا إلى الحد الذي يجعلك تنهار صحيًا فإن أهدافك كلها سوف تتأثر على سبيل المثال . 

اسأل نفسك في كل مرة .. لو لم تستطع تحقيق أكثر من هدف واحد فما هو الهدف الوحيد الذي لا أرغب في أن ينتهي العام إلا و قد حققته ؟ 

التخطيط .. نظر و تأمل و تفكير و الله أمرنا بالنظر في حياتنا و غدنا و اتخاذ القرارات المهمة ، نحن في الغالب نتهرب من اتخاذ القرارات و كلما أجلت .. فقد ضيعت مواردك العظيمة ، أيامك .. ساعاتك و دقائق حياتك . 


ثالثًا : فكر بالتفاصيل الصغيرة و المواعيد النهائية . 

بعد أن كتبت أهدافك ، و رتبتها حسب الأولوية ، ضع لها الآن مواعيد نهائية وزعها في رزنامة ٢٠٢١ .. انظر الى العام زمنيا ، ما هي الأشهر المناسبة لكل هدف ؟ ابريل مثلا يصادف شهر رمضان هل من الممكن أن تجعله موعد نهائي لإنجاز هدفك المتعلق بحفظ القرآن أو على الأقل الجزء الأكبر من هذا الهدف؟ 

العطلة الصيفية .. ماهو الهدف الذي ستعمل على انجازه فيها ؟ 

هل لديك مناسبات مهمة في أشهر معينة خلال العام قد تعيق بعض الأهداف .. 

فكر في أشهر السنة و الأحداث المرتبطة بها و حدد مواعيد نهائية لأهدافك ، و من الجيد أن تقسم أهدافك الكبيرة إلى أجزاء أصغر  ( mile stone ) و وزعها زمنيا فهذا سيفيدك في التقييم . 


رابعًا : اعتمد طريقة لمراجعة خطتك و كتابة قائمة الأعمال الإسبوعية و اليومية 

في كثير من الأحيان نفقد إحساسنا بالوقت الذي يمر نفكر في العام كوحدة واحدة و هذا خطأ ، فكر بالعام على أنه ٥٢ أسبوع و لديك قائمة من الأعمال في كل أسبوع ستحددها قبل بداية الأسبوع في موعد ثابت ، قد يكون كل جمعة أو كل سبت ، لكن اصنع لنفسك نظام لكتابة قائمة أعمالك الأسبوعية و الأهم أن تنجزها و تتابع تنفيذها في نهاية الأسبوع . 

من المناسب أن تختار ساعة هادئة في عطلة نهاية الأسبوع مثلا ، تنظر فيها إلى قائمة الأعمال السابقة و تكتب فيها قائمة أعمالك الجديدة التي تستقيها من أهدافك و المواعيد النهائية التي حددتها لنفسك  . 

لا أتحدث هنا عن المواعيد (الطبية و اللقاءات التي تحتاج تواجدك الشخصي و ارتباطاتك مع الناس)، رغم أن جدولتها في قائمة الاعمال مهم و ضروري فالذاكرة قد لاتسعفك دائما ، لكن أتكلم أيضًا عن مواعيد انجازك لقائمة الأعمال الصغيرة التي تساعدك في تحقيق الأهداف المكتوبة في خطتك . 

و تحتاج كذلك إلى نظام متابعة لعاداتك الجديدة ( habit tracker) و موعد ثابت في اليوم لمتابعتها إن كنت تحتاج جداول جاهزة للطباعة يكفي أن تدخل إلى موقع بنتريست pinterest و تكتب في مربع البحث  ( habit traker printable ) و ستجد الكثير من الجداول المفرغة و الجاهزة للطباعة حتى تساعدك في متابعة عاداتك اليومية .. و لو كنت سأختار موضوع أضاعف فيه حجم هذه التدوينة و أفصل فيه أكثر فسوف أختار التحدث عن أهمية بناء نظام من العادات اليومية يساعدك في تحقيق أهدافك . 

لحظة .. مواعيد متابعة ! أجلس فيها مع نفسي فقط ! 

أعلم أن كثير من الناس لا يعطي إلتزامًا من نفسه بالقيام حقا بإنجاز أهدافه إذا كان هو فقط من يتابع نفسه ، و أعلم أن أشخاص نادرون يلتزمون بإنجاز خططهم الاسبوعية المرتبطة بأهدافهم و هذا هو الفرق الجوهري بين من يحققون ما يكتبونه في خططهم و من لا يحققون من أهدافهم شيء و في الحقيقة هذا تحدى كبير فإن كنت ممن يعيشون هذا التحدي مع أنفسهم ، أو ممن  تغلب عليه طواريء الحياة و تتطفل على أهدافه المهمة ..  فالحل أن تجد رفيقًا لدربك أو كوتش يتابعك في تحقيق أهدافك و خطتك الشخصية لقاء واحد كل شهر مثلا سيكون مؤثرًا فالبعض سيلزم نفسه أكثر بالعمل إذا عرف أن لديه موعد سيُسأل فيه عن خطته و ما أنجزه منها . 


خامسًا : مراجعة الخطة و التقييم و التعديل. 

لا تكن صلبًا أكثر من اللازم  و لا مرنًا أكثر من اللازم ، بالتأكيد يمكنك تغيير خطتك أثناء العام إذا لاحت لك فرصة جديدة أو مررت بتجربة تعلم تجعلك تغير رأيك في بعض الأهداف المكتوبة ، لكن افهم نفسك و راقبها .. هل تتهرب من تحقيق الأهداف فقط بتغييرها ؟ هل أنت من الأشخاص الذي يُفتون بحماس البدايات الجديدة لكنهم لا يكملون مشاريعهم ؟ هل أنت مؤمن حقا أن كل هدف كتبته هو بالضبط ما تريده ؟ تعرف على نفسك و تعلم و لا تغير خطتك و أهدافك إلا عندما تكون متأكد أنك في الطريق الخاطيء و عليك أن تغير مسارك هنا فقط غيّر ثم التزم  . 


ختامًا : استمتع بالرحلة .. التخطيط الجيد سيصحبه إنجاز يومي و أسبوعي .. تستحق أن تحتفل بنجاحاتك .. تعلم أن تسامح نفسك ، تتقبل إخفاقك ، تتعلم أكثر في رحلة حياتك من أخطاءك .

 النجاح لا يأتي إلا بعد سلسلة من المواقف الفاشلة و إنك إن أدمنت طرق الباب .. فلربما فُتح في لحظة فارقة لم  تتوقعها . 

استعن بالله و لا تعجز. 


دمتم في حفظ الرحمن و رعايته.