الاثنين، 10 أكتوبر 2016

٣ قواعد تجعل طفلك يحب الرياضيات




يقول مارك توين و هو كاتب أمريكي : 
“ يكمن سر النجاح في تقسيم مهامك المعقدة و المربكة إلى مهام صغيرة و سهلة، ومن ثم البدء بأولها”

تخيل أن لديك مهمة صعبة و كبيرة و لا تعرف كيف ستنجزها كاملة وهي  ضرورية في نفس الوقت لا يمكنك التهرب من انجازها، ماهي المشاعر التي سوف تشعر بها تجاه هذه المهمة ؟ 

نحن أعداء ما نجهل .. المعرفة و التعامل مع المهمات الواضحة و السهلة من الأشياء المريحة لأدمغتنا، الدماغ يحب التعامل مع التحديات المعتدلة في درجة صعوبتها ، لا هي معقدة بالنسبة له ، و لا هي سهلة جدا و تافهه لأنه في كلا الحالتين لن يرغب في انجاز المهام ما لم تكن تحديات معقولة بدرجة كافية لاثارة اهتمامه و قابلة للانجاز بالنسبة له .. عندها فقط سيستمتع بالمحاوله و الانجاز .. 

أي مهمة معقدة و صعبة يمكنك تحويلها الى أجزاء أو الى عدد من المهام المعقوله في صعوبتها أقصد تحويلها الى تحديات “قابلة للتحقيق” و هذا هو احد اهم اسرار تحويل اي مادة صعبة بالنسبة للطفل الى مادة سهله مع قليل من العمل و المثابرة.. لا تشرح له القسمة المطولة اذا كان لا يحفظ جداول الضرب ، لا تعلمه الضرب اذا كان غير متمكن من الجمع و الطرح .. 

و من هنا نستطيع أن نقول ان القاعدة الأولى : 
( اصنع له تحديات قابلة للتحقيق ) 

عندما تضع لطفلك مسائل الرياضيات التي تريد منه حلها تأكد انها في مستوى معقول بالنسبة له ، قد يكون اخذ القسمة مع معلمه في المدرسة ، لكن القسمة بالنسبة له تحدي صعب و غير قابل للتحقيق و عملية تدريسك لابنك و الانهماك في شرح القسمة المطوله له مرهقة جدا لأنه لازال لا يمتلك السرعة الكافية في عمليات الجمع و الطرح و الضرب .. ليست القسمة هي الصعبة في الحقيقة أنت من قفزت الى تحدي جديد لازال طفلك غير مستعد له، الحل ان تشتغل على الجمع و الضرب قبل ان تقفز الى القسمة  . 
و الآن دعوني أسألكم .. كم منكم يؤمن بالخرافات التالية :

 (يجب أن تكون شديد الذكاء لتكون جيد في الرياضيات ) 
 ( من المقبول ان تكون ضعيف في الرياضيات لأن هذا حال معظم الناس)
 ( لا نستخدم الرياضيات كثيرا الا في مهن و اعمال خاصة ) 
( لم يبرع اي من والديك في الرياضيات ، من أين سيأتيك حب الرياضيات؟) 

اذا كانت تلك العبارات او اي منها  من الافكار الراسخة لديك فمن المؤكد انك نقلتها لأبناءك بشكل مباشر او غير مباشر .. صدقني حتى لو لم تخبرهم مباشرة بذلك تنساب قناعاتنا بشكل سلس الى رؤوس اطفالنا شئنا أم أبينا ، و لذلك نجدهم يطورون موقفا سلبيا من الرياضيات بشكل عام و هذا الموقف السلبي هو حاجز فولاذي يحول دون تميزهم و براعتهم في الرياضيات لأنك بهذه القناعات قللت دافعيتهم ، و جعلتهم يشعرون بعدم جدوى تعلم الرياضيات أصلا . 

القاعدة الثانية : 
(اعكس السلبية تجاه الرياضيات من خلال تغيير موقفك منها) 

من الطبيعي أن تستغرق وقتا لتغيير موقفك تجاه الرياضيات، سيساعدك التعرف على طريقة عمل الدماغ و طريقة معالجته للمعلومات و يجب أن تعرف أن الطالب الذي يشعر بالقلق في حصة الرياضيات بسبب الأفكار المسبقة عن المادة.. سيكون احتمال وصول المعلومات الى منطقة التفكير الواعي لديه و مناطق الذاكرة طويلة المدى (تساعد على بقاء المعلومات لمدة اطول) احتمال قليل . فالتوتر هو الحاجز الرئيسي الذي عليهم التغلب عليه لوصول المعلومات بشكل جيد الى ادمغتهم. و مثل ما يفعله التوتر .. يفعله الاحباط أيضا عند الملل من تكرار التجربة خاصة اذا كانت التحديات اكبر من مستواهم و غير قابلة للتحقيق وهذا ما تكلمنا عنه في القاعدة القاعده الاولى. 

احد أهم اسرار الدماغ مادة (الدوبامين) و هذه المادة الرائعة و ارتباطها بصناعة الموهبة تكلمت عنها في مقال سابق في مدونتي ، ما علاقة هذه المادة بحب الرياضيات؟ 

كل تجربة ناجحة ينجزها الطفل في الرياضيات .. كل مسألة كل ورقة عمل كل انجاز كل تحدي بذل جهدا ثم حققه .. مهما كان هذا الانجاز بسيط في فهم شيء جديد او حفظ عبارة ضرب جديدة  سيؤدي الى زيادة مستوى مادة الدوبامين في الدماغ و (الدوبامين) ناقل عصبي زيادة افرازه يصاحبها الشعور بالمتعة و انخفاض القلق و زيادة (الدوبامين) تشجع الطفل على خوض تحديات جديدة و حل مسائل اكثر و الاستمتاع في انجازات اكثر مرتبطه بالمادة سواء الرياضيات او غيرها . 
زيادة (الدوبامين) يرفع مستوى الدافعية ، يقوي التركيز و يقوي الذاكرة، و الدماغ يفضل دائما تكرار الافعال التي تساعد على اطلاق الدوبامين ، فمتى ما كانت التحديات و المسائل التي تعطى للطفل قابلة للتحقيق و فيها مستوى تحدي معقول ساعدت حتما على اطلاق الدوبامين و هذا سيجعله يرغب في المزيد من المسائل المزيد من اوراق العمل و لن يشعر بالملل و الاحباط المرتبط اما بسهوله مبالغ فيها او صعوبة مبالغ فيها و هنا نصل الى

 القاعدة الثالثة : 
( استمر في تقدم التحديات القابلة للتحقيق بشكل مستمر ، حتى تولد الدافعية و تقلل من القلق وتزيد الاستمتاع )  

بالتأكيد ستجد نصائح و قواعد اكثر من هذه الثلاث قواعد التي سقتها لك هنا لكن اعتقد انها هذه الثلاث قواعد هي اهم ما يمكن ان يجعل طفلك يحب الرياضيات ، لماذا نريد منه أن يحب الرياضيات؟ هل تأخرنا في الاجابة عن هذا السؤال؟ 
أيا كان دافعك لغرس حب الرياضيات عند طفلك، لكن دعني أخبرك أن الرياضيات تنمي تفكير طفلك المنطقي لدرجة أن أفلاطون عندما أسس أكاديميته كتب على بابها : ( لا يدخل علينا من لم يكن رياضيا) 


و دمتم في رعاية الرحمن ..