الثلاثاء، 17 أكتوبر 2023

في الأرضِ براكينٌ تغلي




    لن نرضى بجزءٍ محتلٍّ ، لن نترك شبرًا للذل   

                   ستمور الأرض و تحرقهم في الأرض براكينٌ تغلي


لم نعد نعوّل على إنسانية القادة  أو وقفة الشرفاء ، لأن القرون التي مضت و ظل  الشعب الفلسطيني يرزح فيها تحت الظلم لم تحرك شعره من إنسانيتهم ، نحن نعوّل على ( و أعدوا لهم ) نحن نعوّل على ( إن ينصركم الله ) نحن نعول على بناء القوة بمعية الله،  قوة  زادتها مجالس سرد الحفاظ رسوخًا و ثباتًا و شموخًا نحو السماء قوة تصنع من المحاصرين المسجونين المحرومين  و من الحائرين الذين لا يملكون أدوات للدعم في أي بقعة من بقاع العالم طوفانًا يجرف الليل الحالك بمشيئة الله و قدرته . 

و في سبيل ( و أعدوا.. ) من المهم أن نعرف أنه  لا يمكن أن توصف أي جماعة بالقوة إلا إذا امتلكت القوة في ثلاث مجالات : 

١- قوة العقيدة و الإيمان 

و هو ما يوجب علينا أن نعزز الإيمان  بالعقيدة عند كل فرد من حولنا .. ابذل جهدك مع الدائرة المحيطة بك ، أطفالك في البيت ، أهلك ، متابعين حسابات التواصل الخاصة بك ، زملاءك في العمل . طلبتك لو كنت معلمًا .. كل من تتعامل معهم من الممكن أن يكون لك دور في نشر الوعى  بينهم بأن الأقصى عقيدة و بأن تلك الأرض المباركة أرض الأنبياء و مصاطب العلماء و مقابر الشهداء و بأنها كانت نقطة إلتقاء الأرض بالسماء في رحلة عظيمة هي رحلة الإسراء و هي  أرض المحشر و المنشر .. هي الأرض التي لا يساورنا ذرة شك من أنها ستعود حتما و قريبا ان شاء الله إلى المسلمين أحفاد الفاتحين عمر بن الخطاب و صلاح الدين ، هي الأرض التي أذن الله تعالى لنبيه نبي هذه الأمة بأن يصلى بالأنبياء  إمامًا فيها في أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين .. فنّد ادعاءات المغرضين و المشككين ، تسلح  بالعلم و المعرفة و الوعي و الفكر البين الواضح .

إن فلسطين العربية المسلمة التي قررت بريطانيا أن تمنحها لفئة من اليهود الملحدين الصهاينة بموجب وعد بلفور في عام ١٩١٧ - و كل العالم يعرف أن  بريطانيا لا تملك فلسطين حتى تتصدق بها على اليهود- إن فلسطين المسلمة ليست لقمة سائغة إنها جحيم الصهاينة المعتدين و كوابيسهم المرعبة.

 إن المجازر التي تعرض لها اليهود على يد هتلر و النازية الألمانية أو غيرهم ، و إن الظلم الذي يتعرض له أي انسان على وجه الأرض لا يبرر له أن يمارسه على غيره ، فلا شأن لأهل فلسطين بالعقد النفسية التي خلفها هتلر عند اليهود ، بل إن تاريخنا الإسلامي يزخر بنماذج رائعة من التعايش بين الأديان  بسلام و عدالة فقيام الدولة المسلمة في فلسطين لا يعني بأي  حال من الأحوال ظلم اليهود أو النصارى أو قتلهم بل يعني التعايش بعدالة و سلام كما كان الحال دائما في كل التاريخ الإسلامي،  إن الظلم و السرقة و الإستيلاء على الأرض و هدم البيوت على رؤوس أصحابها و ترويع الآمنين و قتل الأطفال و النساء في بيوتهم بهذا الشكل البشع السافر  يجب أن يُمحى تماما و يعاقب فاعله و الحل الوحيد هو أن تُمحى  الصهيونية من أرض فلسطين بل و يُعاقب كل مرتكبي هذه الجرائم الوحشية . واجب على كل فرد أن يسهم بزيادة العقيدة و الإيمان بالقضية في قلوب المحيطين به و بشكل منظم و مخطط له أيضًا. 


٢- قوة الوحدة و الإرتباط

ثاني معيار من معايير القوة .. قوة الوحدة و الإرتباط مصداقًا لقول الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة و السلام : ( مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر و الحمى ) و من المعروف طبيا أن الجسد يعيد ترميم نفسه و يشفى جراحه وهي دعوة إلى بذل الوسع و الطاقة في أداء واجب الأخوة و الفزعة العاجلة . نجدةً لضحايا العدوان السافر المجرم الذي جعل الأسرة الواحدة تتفرق في بيوت ومواقع متفرقة حتى لا تفنى عن بكرة أبيها عند القصف الذي يتعمد الإبادة ، لقد شطبت عوائل بأكملها في هذه الحرب الظالمة التي صار الطبيب فيها ينادي العالم ( لن نعذركم إن خذلتمونا)  وهو يتلقى التهديدات من جيش الصهاينة بقصف المستشفى و هو لا يدري كيف يسعف المصابين و الجرحى و قد نفذ الدواء و لا كهرباء لأجهزة الأكسجين و لا حتى عدد كافي من الطاقم الطبي بعد الاستهداف المباشر من الصهاينة لسيارات الإسعاف و قتل الممرضين و الأطباء  عن أي إنسانية يتحدثون!  

أقل واجب أن تسارع إلى  كفالة الأسر و الأيتام أقل واجب هو البذل المادي والبذل  المعنوى من وقتك و جهدك  قف مع أهل غزة في ترميم غزة ، في التخفيف من ألم الجراح ، ثم إننا  بشر  نحتاج إلى من يهتم بمعاناتنا يتعاطف و يدعم و يمسح على رأس اليتيم و المكلوم ليس فضلا و لا منة و لا مجاملة  و أهل غزة  أهل عزة .. تذكر أنك عندما تبذل فإنما تبذل لنفسك ، لتزكية نفسك تبذل ما تبذله معذرةً إلى الله فأنت مستخلف في مالديك من مال و إنما هو مال الله آتاك إياه ليرى كيف تنفقه و لقد وصل بهم الحال إلى وضع غير مسبوق لا ماء و لا طعام و لا دواء و يستهزيء بك الصهيوني  يقول لك : (تكلم تكلم .ماذا تملكون غير الكلام ! ) نملك و نملك و نملك و مازال بإمكاننا أن نقدم أكثر في هذه المعركة ، معركة الحق و الباطل  بل إن الصهاينة لا يملكون إلا انتظار أجلهم المحتوم إلى جهنم و بئس المصير.

ثم قف و انظر كيف يبذل أعداءك المليارات دعمًا للجيش الصهيوني المجرم ، كيف يغزون مواقع التواصل الإجتماعي كيف يساندون المحتل .. و أنت مازلت تفكر ألف مرة قبل أن تنفق !

 بالرغم من أننا نعلم أن ما ننفقه بصدق إذا تقبله الله تعالى منا فإنه سيضاعفه و إن الصدقة لا تُنقص المال  بل  تباركه و تزكيه ، أما أموالهم  فإنهم سينفقونها .. ثم تكون عليهم حسرةً ثم يُغلبون . 


٣- قوة العدة و العتاد 

لقد أمر الله عباده بإعداد القوة فقال عز و جل ( و أعدوا لهم ما استطعتم من قوةٍ و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم ) و إن للقوة أشكال ، فالقوة العسكرية قوة مؤثرة  أبدعت حماس في إعدادها من العدم من قلب الحصار من عمق المعاناة من خلف الأسوار تحلق الصواريخ و تحلق معها أرواحنا فخرًا  بالمجاهدين  الخاتمين أهل القرآن الذين باعوا أرواحهم لله و خرجوا لتحقيق وعد الله فإما النصر أو الشهادة ، بل إن ما حدث في طوفان الأقصى من مباغته للعدو و التغلب على الحواجز الإسمنتية و القبب الحديدية هو فن و إبداع عسكري سيُحكي للأجيال القادمة لسنوات و سنوات ،  و لا يقل عن تأثير القوة العسكرية  تأثير القوة الإعلامية فهذه المعركة معركة وعي و الإعلام لم يعد كما كان سابقًا -صنعة المؤسسات- بل إن كل فرد منا اليوم بإمكانه أن يشارك في ضخ القوة في الموقف الإعلامي للقضية الفلسطينية ، حتى لو لم تكن تحسن الكتابة أو التصوير بالتأكيد ستجد الكثير من الأدوات التي تسهل عليك العمل الإعلامي و تدعم جهدك فقط ابدأ و لا تستصغر أي كلمة آو صورة أو خطوة ، كن واعيًا و انشر الوعي و لا تحتفظ بمعلوماتك لنفسك فلكل منا دوائره التي يستطيع التأثير فيها و الإبداع في صناعة المحتوى الإعلامي سيجعل الحق أكثر وضوحًا لمن غفل أو تجاهل القضية في السنوات الماضية . 


أما رسالتي الأخيرة في هذه الأسطر فهي : بشروا و إن عَظُم البلاء ، أكاد أسمع إيقاع خطوات النصر العظيم القادم .. حين تدخل الجموع المكبرة المهلله تستلم الجائزة من رب العزة .. فتحًا يليق بصبرها و جهادها و دموعها و آلامها .. فتحًا مبينًا يمحو كل أثر صهيوني من فلسطين و من القدس .. حين يملأ جند الله الفاتحين  ساحات المسجد الأقصى يكبرون آمنين و يرفعون الأذان آمنين و يخرون  في الساحات ساجدين .. معلنين أن بيت المقدس و أكناف بيت المقدس و كل شبر في فلسطين قد تطهر من دنس الصهاينة و أن الغمة انقشعت و أننا لم نترك شبرًا للذل فبراكين دماء الشهداء التي سكنت أرض فلسطين كل تلك العقود التي مضت قد فاضت و غسلت الساحات و حرقت كل صهيوني معتدي .. فالله أكبر و لله الحمد و إنه لجهاد .. نصرٌ أو استشهاد. 


                                                                                                     م. منال محمد الفيلكاوي