الخميس، 4 فبراير 2010

مزرعة الحيوان


كتاب رائع .. وجدت نفسي مضطرة الى كتابة هذا البوست عنه .. ففي خاطري الكثير مما استثارته هذه القصة

فكرة الكتاب:

هي قصة رمزية تجري أحداثها في مزرعة تتمرد فيها الحيوانات على المزارع و تعلن الثورة لتصبح هي قائدة نفسها .. شعارها " لا للبشر"
تقودها مجموعة من الخنازير .. و بعد قيام الثورة و طرد المزارع تتغير تدريجيا أهداف الثورة الرنانة و الشعارات البراقة التي تغنت بها الخنازير الى أهداف شخصية غير معلنه لمجموعة الخنازير التي قادت الثورة و التي ترى نفسها أفضل من الجميع.
و تكشر الطبقية البغيضة عن وجهها و يستفحل الوضع مع جهل الحيوانات التي أعطت الولاء الأعمى .. و لم تلاحظ تردي أوضاعها و صدقت الاحصاءات المغلوطة و الاعلام الذي كان يصور لها الوضع كأفضل ما يكون
و لم تلاحظها أنها تستحق أفضل من الحال المزري التي هي عليه و الذي أصبح لا يختلف كثيرا عن الحال قبل الثورة
و تدريجيا تتحول مجموعة الخنازير الى اشباه البشر .. و لم يعد أحد قادر على التمييز بين الجلاد الأول "المزارع البشري" و الجلاد الثاني " الخنازير" .. حتى ان الخنازير في النهاية قامت تمشي على رجلين!

النموذج الرمزي الذي يقدمه جورجل أوريل مؤلف "مزرعة الحيوان" هو نموذج متكرر في بقاع كثيرة من العالم في مناطق قامت فيها ثورات عسكرية تنادي بالحرية و رويدا رويدا تتحول هذه الحرية بعد نجاح الثورة في أهدافها، الى حرية فردية و جملة من المصالح الشخصية للطبقة التي سيطرة على كرسي القيادة ..

من هو " جورج أوريل" ؟

اسمه الحقيقي هو ايريك آرثر بلير

 
كان كاتب و صحفي انجليزي عاش في بريطانيا

مسقط رأسه : الهند


عاش في الفترة ما بين 1903 – 1950

كتب روايته "مزرعة الحيوان " في عام 1945

و من الجدير بالذكر و مما لفت انتباهي عندما عرفت السنة التي كتب فيها قصته ،


أن في هذه الفترة أظهرت بريطانيا و أمريكا أقبح وجه في دعم هجرة اليهود الى فلسطين ..


ففي الفترة بين 1942 و 1945 أي مع نهاية الحرب العالمية الثانية هاجر الى فلسطين 90 ألف يهودي !


فهل لهذه الأحداث علاقة بما كان يرمز اليه الكاتب الانجليزي ؟ لا أعرف بالضبط لكنه تساؤل
و ما شدني أكثر و جعلني أتساءل هذا التساؤل .. عبارة وردت في القصة :


" الكائن البشري الجيد هو الكائن البشري الميت"


و معروف انها عبارة صهيونية متأصلة ووردت ايضا على لسان دبلوماسي أمريكي


" العربي الجيد هو العربي الميت"
فإن كان الانسان العربي .. هو الكائن البشري في القصة.. فمن هم الحيوانات الذين طردوه من مزرعته و احتلوها؟ طبعا صارت البقية معروفة


و ان كان يقصد اليهود الحيوانات .. فبالتأكيد يرمز بالخنازير الى طبقة الاشكناز من اليهود (و هم اليهود الأوربيين الذين حققوا بروزا في الحضارة الغربية )
خاصة اذا عرفنا أيضا – و المصدر د.عبدالوهاب المسيري- أن الحركة الصهيونية بدأت كحركة إشكنازية تهدف الى خدمة مصالح الإشكناز ..


 لكن بقية الجماعات اليهودية من يهود الشرق و العالم الاسلامي و يهود السفارديم (يهود عاشوا في الدولة العثمانية و اليونان و شمال أفريقيا) اكتسحت الحركة الصهيونية .. فالحركة الصهيونية قامت لمصالح فئوية شخصية ليهود الإشكناز فقط و لم تكن يوما دينية و ان كان هذا هو الغطاء الذي استخدمته لخداع العالم و خداع اليهود أنفسهم و الذين يمثلون الحيوانات في القصة.
حتى ان في القصة اسم الخنزير الذي صار قائد بعد الثورة .. نابوليون !


في التاريخ .. نابليون بونابرت القائد العسكري و الامبراطور الفرنسي المعروف قرّب اليهود و اعطاهم امتيازات و في حربه ضد العثمانيين و عندما حاصر مدينة عكا الفلسطينية في عام 1799 يقال أنه حينذاك كان قد جهّز إعلانا لإقامة دولة يهودية في فلسطين إلا أن الله أخزاه و لم يتجاوز اسوار عكا العظيمة و خسر في حربه تلك.



سواء صح هذا الكلام عند المؤرخين أو لم يصح فالحركة الصهيونية نفسها تولي هذا الحدث اهتمام خاصة و هو يسبق وعد بلفور بسنوات كثيرة ..
وسواء كانت هذه استنتاجات سليمة أو خيالية حبتين .. لكنها تساؤلات و خواطر أحببت مشاركتكم بها .

ما الذي كان يجب أن تعرفه الحيوانات مبكرا و حتى قبل قيام الثورة ؟

 اقصد في أي ثورة في العالم تدعو الى التغيير و الحرية و كل ما يمثل شعارات رنانة وبراقة للمضطهدين و الكادحين .. ما الذي يجب ان يعرفوه قبل الانجرار وراء تلك الشعارات؟
من الواضح تركيز الكاتب في القصة على السبب الرئيسي لخيبة الأمل من الثورة .. و هو الانصياع الأعمى من قبل الحيوانات بسبب (الجهل) .. لم تحرص القيادة على التعليم بدرجة كافية .. و كان بعض العلم هو ما يمنح للحيوانات .. أما الخنازير فتعرف كل شيء .. و هو اشارة الى أن من يملك العلم و الثقافة هو من يملك القيادة .. و فهم الخنازير لهذه النقطة جعلتها تركز على تقديم افضل تعليم لصغارها دون البقية .. و قد سمح جهل الحيوانات للخنازير بالتلاعب و تزوير القواعد و الوصايا الأساسية التي قامت عليها الثورة .. فمن يقرأها أساسا غير الخنازير أنفسهم ؟
و هذه النقطة جعلتني أفكر بـــ "المرجعية" .. " الدستور" ..
من منا يعرف مواد الدستور؟ من منا يعرف حقه؟
و هل الجميع مؤمن بهذا الدستور؟
و هل يُحاسب القائد اذا تلاعب و التف على هذا الدستور و أوّله لصالحه الشخصي؟
لقد أضافت الخنازير في ظلام الليل كلمة واحدة الى عبارة واحدة من الوصايا السبع و التي تمثل دستور المزرعة .. كلمة واحدة لكل بند كافية لأن تجعله فضفاض و متوافق مع مصالحها الشخصية بصورة ما ..
حتى في الحياة العملية .. ممكن تعديل مواد الدستور .. من الذي يضمن أن هذا التعديل سيكون في صالح الشعب ؟ وعيهم و ثقافتهم و معرفتهم بحقوقهم وواجبتهم هو الضمان .. و مطالبتهم بحقهم .. و ما ضاع حقه وراه مطالب
أما إن كانوا من الذين لا يقرأون و لا يفهمون و مع الخيل يا شقرا .. و نعطي الولاء و الثقة العمياء .. دون ادراك لحقيقة الأمور .. فلن يكون دورنا في القصة إلا قطيع الغنم المطيع .. الذي يدربونه ليغني ما تهواه الخنازير(القائدة في المزرعة) وما تجده الخنازير صحيحا لأنه يتماشى و مصالحها الشخصية.


إن المعرفة بالحقوق و المطالبة بها لا تتعارض مع الطاعة و الولاء و لكنها تعززها .. تتعارض معها في حالة واحدة .. إذا كانت القيادة فاسدة لأن الشعب لن يقبل بالظلم و الفساد مادام حرّا

أين سنوبول؟


في القصة .. كان سنوبول هو الشخصية التي رغبت في الاصلاح و التطوير من الخنازير التي قادت الثورة و دافع بكل بسالة في المعركة ضد البشر و نال أرفع وسام شرف .. لكنه –بعد أن هدد المصالح الشخصية للطرف الفاسد – حورب و اتهم بالخيانة و طرد من المزرعة و صار هو الذريعة لكل مشكلة يتعرض لها الحيوانات بسبب الأطماع الشخصية لمن استولى على كرسي القيادة .. و أكثر من ذلك مع مرور السنوات .. كانت الحقائق تتعرض للتزوير باستمرار .. و جيل بعد جيل طمست الحقيقة و لم يكن صعبا أن يصبح الشريف نذلا في عيون الحيوانات التي لا تتحرى الدقة و تصدق كل يقدمه لها الاعلام!
لدرجة أن سنوبول نفسه أصبح خائنا و متعاونا في نظر الحيوانات .. و هنا يبين الكاتب أثر الإعلام .. على المدى الطويل ممكن أن يخلق أي قناعة يريدها عند الناس أو قل الحيوانات ان كنا نتكلم عن المزرعة .


شدني بصراحة الاسم : snowball


ترجمة الاسم : كرة الثلج
بالرغم من أن نهاية القصة لا تذكر شيء عن الطرف الصالح المطرود سنوبول إلا أن اسمه يوحي لي أنه سيعود ليدمر كل فساد قائم و الأمل منعقد به .. لأنه ان صمت اليوم و غدا .. ففي النهاية لن يتحمل الظلم و الفساد


فتعبير (كرة الثلج) يستخدم في العادة للتعبير عن أمور صغيرة لا يُحسب لها حساب تتراكم و تتكاثر و تلتحم لتشكل القوة التي تغير الواقع ..


بصراحة في القصة عبر كثيرة و دروس .. و هذه بعضها اتمنى ان تشاركونا بتعليقاتكم .. و اعتذر لمن كان يرغب بقراءة القصة .. اعتقد حرقتها عليه  :)


لكن بحق .. هي أكثر بكثير مما قيل هنا