الاثنين، 10 نوفمبر 2008

فن الخطاب و المصطلح الصهيوني 3

عندما تصاب بمرض .. و تشك في حقيقة هذا المرض و لا تعرف العلاج للتخلص منه ..

بالتأكيد ستبحث عن دكتور شاطر يشخص المرض صح و بعدها يقول لك ماذا تفعل للتخلص من المرض ..

هذا بالضبط ما يميز الخطاب التفسيري الذي يشخص و يفسر الظواهر التي تحدث بطريقة واعية و يمكننا من اتخاذ قرارات سليمة في التعاطي مع الوضع الراهن و مع الكيان الصهيوني المغتصب ..


نستكمل موضوعنا معكم اليوم .. و نعتذر عن التأخير ..

كنا قد تكلمنا عن أنواع الخطاب و قلنا أن كل الأنواع التي ذكرت لا تفسر لنا الواقع و لا ترشدنا الى (ماذا نفعل الآن ؟)

الخطاب التفسيري هو الآخر له أشكال ..

بحسب ما أوردها المسيري رحمه الله في كتابه الذي بين أيدينا اليوم (فن الخطاب و المصطلح الصهيوني)

أولها : الخطاب النفسي

و هو محاولة تفسير الصراع العربي الإسرائيلي على أساس نفسي .. يركز على الذات الفلسطينية و الذات الإسرائيلية .. بالرغم من ان هذا الخطاب يحاول تفسير الظواهر لكنه يغفل الجوانب الأخرى و هي مهمة مثل الجوانب الاجتماعية و السياسية خاصة في حالة مخيمات اللاجئين و الاستيطان .

ثانيها : الخطاب النصوصي

و هو محاولة تفسير سلوك اليهود و الدولة الصهيونية في ضوء ما جاء في الكتب المقدسة اليهودية.

البعض يضم لها بروتوكولات حكماء صهيون ..

هذا النموذج من الخطاب مشكلته انه لا ينتبه إلى أن علاقة الإنسان بالكتب المقدسة التي يؤمن بها علاقة متغيرة

و كل فئة لها تفسير مختلف للنصوص

مثلا تفسير اليهود الصهاينة لنص ما يختلف عن تفسير اليهود الإصلاحيين لنفس النص.

كما إن غالبية اليهود في العصر الحديث لا تؤمن بهذه الكتب أساسا و لا تقرأها!

ثالث نوع : الخطاب الموضوعي المتلقى

هو أكثر أنواع الخطابات التفسيرية شيوعا ..

و هو أن يقوم باحث بمراكمة المعلومات و الحقائق و الأفكار و التصريحات و النصوص المقدسة

ثم ترص رصا بغض النظر عن مدى أهميتها و مدى مركزيتها و مقدرتها التفسيرية

و هي عادة حقائق ليس بينها الكثير من الروابط و لا تخضع لأي شكل من أشكال التحليل المتعمق

إذا كانت كل تلك الأشكال من الخطاب التفسيري - بحسب د.المسيري- تجتزيء من الواقع

فتركز على بعض أبعاده و تهمل البعض الآخر فما هو المطلوب ؟


اسمع ما يقوله د. المسيري :

المطلوب هو التوصل الى .. خطاب تحليلي تفسيري مركب

يجعلنا قادرين على إدراك الواقع ، لا كحقائق متناثرة لا يربطها رابط و إنما ككل متكامل مما يتيح لنا التمييز بين الحقائق (المتناثرة) و الحقيقة (الكلية) و الحق (الأخلاقي)

و يسترسل بعدها د. المسيري في شرح أنواع رصد المعلومات و يتكلم عن النماذج التحليلية ..

لن أدخل في هذه التفاصيل بالرغم من استمتاعي بمعرفتها لكن خشية من أن تملوا الموضوع

لكن دعوني أنقل لكم بعض الفقرات التي أراها جوهرية و مهمة في الموضوع من كلام د/ المسيري:

.. و الباحث الذي يتبنى النموذج التفسيري .. عليه ألا يهدف إلى حشد أكبر قدر ممكن من المعلومات ..

فالحاسوب يقوم بهذا الآن على أكمل وجه

فهدفه يجب أن يكون تنظيم المعلومات و تصنيفها و تفسيرها و اكتشاف العلاقة بينها

و هذا هو جوهر الإبداع الذي لا يستطيع أي حاسوب مهما بلغ من كفاءة أن يصل إليها

و بعد ذلك ينتقل الباحث إلى مرحلة استخلاص النتائج و التعميمات و الوصول إلى رؤية كلية تميز بين

الحقائق(المتناثرة) و الحقيقة (الكلية) و الحق (الأخلاقي) .

ثم يتكلم عن تعاملنا مع الواقع من خلال نماذج إدراكية سابقة .. لن أطيل في شرحها .. لكن ما أود قوله في الختام

فلنطوي صفحة التعامل مع القضية الفلسطينية بعشوائية و بدعائية لا تسمن و لا تغني من جوع ..

لا .. لسنا عاجزين .. هناك الكثير مما يمكننا فعله

انه دور المؤسسات التي قامت على دعم قضية الأقصى و قضية فلسطين

جمع التبرعات لايكفي .. لابد و أن يكون لهذه المؤسسات دور فكري .. مشكلتنا أن أمة اقرأ لا تقرأ

مثل هذا الكتاب الكنز .. يجب أن يقرأه بتمعن كل مهتم بالقضية الفلسطينية و سيجد الكثير ليقوم به


من عاش لنفسه سيعيش حياة قصيرة ضئيلة .. تبدأ من حيث بدأ يعي و تنتهي بانتهاء عمره المحدود ..

و من عاش لفكرة .. فإن حياته ستبدو طويلة عميقة .. تبدأ من حيث بدأت الانسانية .. و تمتد حتى بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض!

و دمتم في رضى الرحمن :)

هناك 3 تعليقات:

Abdulrahman Alebrahim يقول...

((و من عاش لفكرة .. فإن حياته ستبدو طويلة عميقة .. تبدأ من حيث بدأت الانسانية .. و تمتد حتى بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض!))


هذه الكلمات تذكرني بكلمات الشيخ عبدالله عزام :((إن كلماتنا ستبقى ميتةً أعراسا من الدموع لا حراك فيها جامدة حتى إذا متنا من أجلها أنتفضت حيه وعاشت بين الأحياء كل كلمة عاشت كانت قد اقتاتت قلب انسان حي فعاشت بين الأحياء والأحياء لا يتبنون الأموات))

رائع هذا المقال والمقالات السابقة استمر فنحن لك متابعون :)

يقول...

رجل يحمل مشاعر
--------------

شكرا على متابعتك

الكلمات السابقة هي طبعا لسيدقطب رحمه الله

كنت أحسب أن الفقرة التي أوردتها مشكورا هي أيضا لسيد قطب

لكن ربما معلوماتك أدق !

الكتاب شوي دسم كنت أنوي التوقف الى هذا الحد في تلخيص ما أقرأه في المدونة

لكن اذا كانت جد مفيدة أو اذا زادت الأصوات المنادية بالاستمرار في طرح الموضوع سأستمر :)

Unknown يقول...

شهادة متابع ، بوركت
وجزاك الله خيرا،،،