الاثنين، 9 نوفمبر 2009

بين سطور .. كتاب :طعام صلاة حب


تمتلك اليزابيث غيلبيرت مؤلفة كتاب : طعام صلاة حب

اسلوبا ساحرا ينقلك الى عمق التجربة الفريدة التي عاشتها .. اسلوبا أدبيا يجعلك تعيش مع أفكارها و داخل روحها فترى العالم من زاويتها ..
و بقدر ما أحببت أسلوبها و ثراء تجربتها و التي كانت مطعمة بثقافة عالية و معلومات ثرية قدمتها الكاتبة كفواصل بينية اثناء السرد .. بقدر ما حرصت على كتابة هذا التعليق على ما قرأت لأن الكتاب واسع الانتشار على ما يبدو .. ولأن المعايشة هي أقوى وسائل نقل الأفكار و المعتقدات . .

من خلال صفحات الكتاب لست تتعرف فقط على سيرة الكاتبة و قصتها خلال فترة سفرها من امريكا الى ايطاليا ثم الهند و أخيرا بالي .. ليس هذا فقط بل تعيش مع خواطرها و رؤاها و هواجسها بشكل دقيق.

أي كاتب .. لديه أفكار يريد ايصالها .. إما أن يعرضها بشكل مباشر كأفكار مجردة

و إما أن يغلفها بفن من الفنون الأدبية .. لتصبح مقبولة لشريحة أكبر .. و هذه هي الوسيلة الأفضل بالتأكيد ..
و مثل الافكار هنا مثل الطعام .. تنجذب الى بعض الأطعمة من شكلها الجميل الرائع .. قبل أن تتذوقها لتجدها ليست بالطعم الذي توقعته و تجد انك مخدوع بجمال المظهر الذي يخفي طعما غاية في السوء .. فسرعان ما تلفظها اذا تذوقت حقيقتها

و كذلك بعض الاطعمة طعمها لذيذ .. لكن شكلها لا يزيدك الا نفورا منها .. و مثل هذا النوع مثل بعض الكتب التي تعرض أفكار و مفاهيم رفيعة المستوى باسلوب ممل و رتيب و لا يتحمله القاريء في الغالب

لقد وجدت في الكتاب الكثير من الافكار من النوع الاول ..
شكل جميييييل .. اسلوب ادبي جمييييل .. لكن طعمها غير مقبول اطلاقا بل اعتبرها أفكار خطيرة لا يجدر بها التنقل بحرية في العقول العربية الاسلامية دون أن تواجهها أفكار أخرى تساويها في القوة أو تزيد و تعاكسها في الاتجاه (بدأنا نتكلم في الفيزياء :) ) فالفكر الهدّام لن يستطيع دحضه الا فكر بنّاء ..

و هنا تساؤل يطرح نفسه .. من يحدد اذا كان هذا فكر هدام أو بناء ؟

الجواب : بعيدا عن اي فلسفات ... معتقداتك الشخصية .. قيمك .. دينك .. أنت من يحدد و لكل انسان حرية اعتناق الفكر الذي يريد ..
اي شخص له الحق بأن يكتب ما يريد .. و لنا الحق ايضا في تقييم هذه الأفكار و نقدها .. قبولها أو رفضها

و ربما تعمدت الكاتبة محاولة غرس أفكار معينة عند القاريء من خلال كتابها طعام صلاة حب و ربما كان الامر صدفة و انها مجرد سيرة ذاتية عن تجربة امرأة امريكية .. لا تتعمد نشر فكر سيء او جيد
إلا أن الدكتور منذر القباني يقول : الصدفة هي تبرير من لا يعرف الحقيقة ..
عموما ..

في رحلتها تلك .. تبحث اليزابيث عن التوازن .. بعد طلاقها الذي تم بشكل مأساوي و تسبب لها بعقدة نفسية و ألم كبير ..
فانتقلت من امريكا لتعيش في ايطاليا لأشهر .... ثم الهند ..... ثم بالي في اندونيسيا
في ايطاليا .. تعيش اللذة و المتعة بكل أشكالها كطريقة للهروب من ألم الواقع .. فتتحسن حالتها و تعالج بهذا بؤسها استعدادا لخوض تجربة روحية في الهند
ليس مستغربا في الحضارات الغربية الدعوة الى الانغماس في الملذات .. لكن حتى الغربيين أنفسهم بدأوا يدركون أهمية الجانب الروحي .. فلابد من تحقيق التوازن كما ذكرت اليزابيث

ثم تذهب الى الهند لتمارس اليوغا و بعض الشعائر التعبدية التي تعتني بروحها (تشبه طقوس الهندوس بحسب وصفها) .. و الهند اهم جزء في الكتاب .. فالطقوس و الشعائر التعبدية التي مارستها و الكلمات التي وصفت فيها سيدها الناري تثير الريبة .. ماذا أقصد ؟

من هو الكائن الناري برأيكم ؟
اريد جواب عن هذا السؤال لاتكمل البوست قبل ان تجد جواب على الاسئلة التالية .. (من باب التواصل و اثارة التفكير)
من هو الكائن الذي خلقه الله من النار؟

و هل الحية - الافعى- من المخلوقات التي تدل على خير ام شر و ماذا يعني رؤيتها في المنام ؟
سأقول لكم أنا .. الكائن الناري هو الشيطان بالتأكيد ...
قال تعالى على لسان ابليس : " قال انا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين"
و الحية من المخلوقات التي أمر الرسول عليه الصلاة و السلام بقتلها سواء في الحل أو الحرم

و رؤية الافعى الطويلة السوداء في المنام يدل على شيطان مارد

هي تصف تجربة روحية فريدة .. جعلتها أقوى في مواجهة الحياة .. تجربة مميزة ... بالرغم من أن الطقوس التي مارستها طقوس شيطانية بحسب أي شخص لديه معلومات اسلامية بسيطة سيعلم انها طقوس شيطانية ..

و فيها استعانة بالجن .. يفترض بهذه الطقوس أن تظهر بمظهر آخر للناس من خلال الكتاب مظهر المفر المريح الذي نلجأ اليه.. مثلا العبارات التالية :

" يعيش في مكان يطل على العالمين "

" أعتقد أن لك حرية البحث عن أي صورة مجازية لتعبر بها الحدود الدنيوية كلما احتجت الى (الانتقال) أو الراحة"

" فوقفت و انحنيت أمام صورة سواميجي ؛ السيد الرائع الناري!"

" لا يمكن وصف المكان الذي كنت أقف فيه بأنه موقع أرضي فهو لم يكن لا مظلما و لا مضيئا و لا كبيرا و لا صغيرا في الواقع لم يكن مكانا "

" تقول الكتب اليوغانية إن الصلوات و جهود البشر تستجاب بأي طريقة يختارها البشر للعبادة مادامت تلك الصلوات صادقة "
اضافة الى أنها ترى أفعى طويلة في المنام مخيفة ... و بحسب معتقداتها ان رؤية الافعى في المنام يعد من الأمور الجيدة !
لقد كان هروب اليزابيث من البيت الفاخر و الزوج المحب الذي يريد أن ينشيء عائلة ... ناجحا في نهاية المطاف ... و جعلها تكتشف نفسها بشكل أفضل و قد أخبرتها صديقتها الهندية أن هذا من الأمور الجيدة التي حدثت لها ...
اليزابيث تحب السفر و المتعة .. لا تقبل الارتباط باي مسئولية تجاه البيت أو الأولاد .. و تتأسف على حال احدى الزوجات التي صادفتها في ايطاليا .. بالرغم من نجاحها كفنانة و ام جديدة .. لكن اليزابيث تقول انها تعلم حجم المعاناة التي تعيشها هذه الام ... كل الموجودين في الحفل يرونها ام ناجحة و فنانة ناجحة ... و اليزابيث -كما اوردت في الكتاب- ترى جزء آخر من الصورة أكثر تعاسة و ألم مما يتوقع الجميع ..
و السؤال : ماذا تفهم من نظرة اليزابيث تلك ؟
بعض الناس يتأثرون ... و قد يقولون : صحيييييييح الامومة متعبة .. لا نستطيع التوفيق بين الهواية أو النجاح الوظيفي و الامومة مثلا ..
اليزابيث .. التي هربت من قيود الاسرة .. الى رحاب المتعة في ايطاليا .. ثم التعبد و اليوغا لتعالج روحها في الهند .. ثم لتجد الحب في بالي بحسب الطريقة التي تناسبها .. و هي عدم الالتزام بأي شيء ...
متزوجة من رجل برازيلي تحبه يسكن بالي في اندونسيا و يسافر بين بالي و البرازيل .. لكنها قد لا تراه الى بالمناسبات عندما ترجع الى اندونيسيا من امريكا .. هي تقبل الحب بدون اي نوع من انواع الالتزام .. و بهذا تكون مرتاحة و مطمئنة و استطاعت أخيرا أن تحصل على الرضى و السلام الداخلي !
اليزابيث ليست مسلمة أساسا و لا يفترض ان اتوقع منها تبني مفاهيم اسلامية .. افهم انها تسرد تجربتها و حسب .. أفهم اختلاف الثقافات و الأديان ..
لكن كل الذي أردته و أردت أن أؤكد عليها .. أننا عندما نقرأ علينا أن نقيم افكار الكاتب .. و نستشعر عظم النعمة أننا ولدنا مسلمين .. و أن ألفت مثل هذه الأفكار ليست بالأمر الجيد
في المقابل ذكرت تجربة للتعامل مع الذات في الازمات النفسية .. و هي الكتابة .. تكتب و كأن شخصا آخر هو الذي يكتب لها رسالة يواسيها فيها و يعزز ثقتها بنفسها و يصبّرها .. عندما لم تجد من يحتضنها .. احتضنت نفسها و تغلبت بمفردها على الألم
ترويضها لنفسها .. و قناعتها بما نسميه في عقيدتنا القضاء و القدر و تسميه هي شيء آخر .. قبولها للآخر .. و قبول نصيبها من هذه الدنيا كلها أمور تعلمناها منذ الصغر و اكتشفتها هي بعد سلسلة من التجارب ... فلله الحمد على نعمة الاسلام ..
و أختم ببعض العبارات التي أعجبتني ... و أرى فيها الكثير من الحكمة و الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها
"في النهاية أنت لست سوى ما تفكر فيه و أحاسيسك هي عبد لأفكارك و أنت عبد لعواطفك"
" ان عجزت ان تكوني سيدة تفكيرك فأنت في ورطة كبيرة لن تخرجي منها أبدا "
" لن أكون مرسى للأفكار الضارة بعد اليوم "
" نحن كبشر نقوم بالطقوس الروحانية لإيجاد مكان آمن ترتاح فيه أحاسيسنا الأكثر تعقيدا للفرح أو الحزن" بالنسبة لنا بالتأكيد ليس هذا سبب وحيد :)
" البقاء في اللحظة الحاضرة يحتاج الى تركيز على شيء واحد فقط"
و الى لقاء متجدد دمتم في رعاية الرحمن

هناك 13 تعليقًا:

مجموعة سمو يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
مجموعة سمو يقول...

يبدو انني ساكون أول المعلقين والمعلقات :)
قبل تقريبا سنة شاهدت لقاء مع الكاتبه في برنامج اوبرا الشهير ... وقد استمتعت جدا بمشاهدة اللقاء .. ومشاهدتي اغنتني عن قراءة الكتاب لأنني استوعبت الفكرة الأساسية وكان اللقاء يدور حول الطريقة التي يفكر فيها الإنسان .. ولم تتطرق الى ما ذكرْتِه عن عبادتها في الهند ... الحقيقة اني تفاجأت بما ذكرته من مصطلحات فيها نوع من الاستعانه بالشياطين ... واوجه اليك تحيه على توضيحك بالشبهات التي يحملها الكتاب.. لأنني أجد بعض بنات جيلنا يتأثرن خصوصا باليوغا ورياضة التأمل بدون ان ينتبهن الى ما تجر تلك الرياضة الى شطحات فكرية في العقيدة ..
دمت سالمة

يقول...

يا مرحبا بك يا سعاد :)

نعم نعم .. انت الاولى عسى الله يجعلك من الاوائل دائما ..

بالنسبة لليوغا .. هي تعتقد انها ليست مجرد رياضة لتليين المفاصل و اللياقة البدنية التي تساعد على البقاء في سكون لساعات طويلة خلال جلسات التأمل فقط .. لا لليوغا فوائد أخرى مرتبطة بالطقوس التعبدية التي ذكرتها .. و هي بحسب ما رأيت اعتقد انها اقرب لطقوس الهندوس .. و الله صلاتنا خير من اليوغا .. ألم يأمرنا محمد صلى الله عليه و سلم بإطالة السجود ..

كفى بقوم ضلالة أن يرغبوا عمّا جاء به نبيهم اليهم .. الى ما جاء به غيره الى غيرهم :)

اقصوصه يقول...

ثاني تدوينه اقرى فيها عن خالكتاب!

اقصوصه يقول...

ثاني تدوينه اقرى فيها عن خالكتاب!

يقول...

اقصوصة : مرحبا بتواجد .. اين كانت الاولي؟ أحب ان أقرأها

إيلاف يقول...

الكتاب من أجمل الكتب التي قرأتها كفكرة
وكسعي الانسان لصنع سعادته

: )بالرغم من كل التحفظات التي ذكرتِها , وأؤيدكِ بها , إلا أنه كتاب ممتاز


والقارئ عندما يقرأ , يعرف ماينفعه فيقتبسه , وما يضره فيجتنبه ويحمد ربه على إيمانه

دليل اشتغاله يقول...

المدونة رائعة شكرا لك ..

afdal.net/dale يقول...

شكراااااا على مدونتك الرائعة

sites like service يقول...

شكراااااا لك .....مقالتك اكثر من رائعه

pagerank checker tool يقول...

مقاله رائعه ومميزه جدااا...بالتوفيق دائما

MAHKMA يقول...

مدونة جميلة ، وكل زوارها أجمل
أنصح نفسي و أياكم بقراءة كتاب لا تحزن - عائض القرني وكتاب فكر وضاعف ثروتك - نابليون هيل - دار الفضيلة
وكتب الدكتور محمدالعريفي كلها و أهمها استمتع بحياتك
نهاية العالم

غير معرف يقول...

samira

انا لم اقرأ الكتاب ولكن يعجبني ما لخصته من خلال قراءتك للكتاب وواضح من عنوان الكتاب ان الكاتبة لديها حرية في كل شيء فلا تريد التقيد والاحتكار بزوج واولاد فهي حره نفسها ويوجد هنا مسلمات اصبحن يقلدن الغرب
واشكرك على طرحك للموضوع