الثلاثاء، 17 أبريل 2018

كبّر الصورة





     نحن النساء بالذات .. لأننا نمثل نصف المجتمع و لأننا من  يلد و يربي نصفه الآخر  نعتبر أنفسنا أكبر من طرف في معادلة (١+١ = ٢ ) ، و لأننا نُظلم أحيانا من المجتمع أو من القوانين الوضعية ، تأسرنا حركات الاهتمام التي ترغب في تحريرنا و تطويرنا و تمكيننا من حقوقنا ، هذه الحركات لها غاية براقة إلا أن البعض منها ينطلق من منطلق ان المجتمع ذكوري و نحن المضطهدين من الرجال ، هذه الصورة التي تُرسم لنا و تضعنا في قالب الضحية تسبب لي مشكلة!

ليس لأننا مجتمع ينصف المرأه بالكامل ، بل لأننا لا نخوض معركةً هنا مع الرجل لأنه رجل ليست هذه هي معركتنا الحقيقية ، فقد تَظلم المرأة بنات جنسها و أعرف أن كثيرات قد يستحضرن الآن نساء أعلى منهن في الهيكل الوظيفي ربما مارسن الظلم في حقهن، مشكلتنا مع الظلم ذاته و ليست مع جنس الشخص المتسبب به ، الظلم أيا كان نوعه ، اجتماعي أو وظيفي أو غيره ،  كثير من الرجال ينصفون المرأة أكثر من بعض النساء فما الهدف منتذكير المشكلةان صح التعبير؟ 

هل ننتبه حقا الى أن التعميم من آفات التفكير و أننا نمارس التعميم عندما نضع كل الرجال في كفة الشرير و كل النساء في كفة الضحية! 

هل ندرك أن بعض من يطالب للمرأة بحقوقها يقع في مشكلة التعميم عمدًا أو بالخطأ. دعوني أخبركم ما حدث قبل يومين إثر متابعتي للحضور النسائي في كلتا الفعاليتين في اليومين الماضيين ، فعاليتين في نفس التوقيت الأولى بعنوان (نعمة معرفة الله) للأستاذة أناهيد السميري أقيمت ضمن فعاليات جائزة الكويت الدولية لحفظ القرآن الكريم ، و الثانية مهرجان خطابي للجمعية الثقافية حول تحرر المرأة و الدفاع عن حرية المرأة الكويتية ، و قد وصفت فيه د فريدة حبيب في هذا المهرجان ما تسميه فئة من المجتمع (ثوابت إسلامية) ب (كوابت التحرر و الإرتقاء).  في الفعالية الأولى كان الحضور يقارب الألف سيدة ، جاءوا لينصتوا ل (الثوابت الاسلامية ) فيما تخبرني الصورة في الفيديو الذي رأيته للمهرجان الخطابي بأن العدد الذي صفّق لاعتبار تلك الثوابت (كوابت التحرر و الارتقاء) لا يتعدى عُشر العدد في الفعالية الأولى.

هذه المفارقة جعلتني أدرك أن الصوت العالي لا يعنى بالضرورة تمثيله لعدد اكبر من النساء الكويتيات ، الصوت العالي بالرغم من حشده و دعوته للمهرجان لأيام لم يتجاوز العُشر من الحشد الحقيقي الذي تهافت راغبا ولم يجد كراسي للجلوس ! 

 كان ذاك دافعا لكتابة هذه الكلمات ، لأقول بصوت مرتفع إنني مثلهن أدعو إلى تحرير المرأة من صرعات الفكر المستورد الذي يدعو إلى النسوية في مقابلة الذكورية و يدعو إلى خلق صراع لن يكون ضحيته في نهاية المطاف إلا كيان الأسرة .. أنا امرأة لا أقبل بأن أكون ساذجة إلى الدرجة التي تفتنني فيها شعارات تمكين أو تحرير ، أنا امرأة أدرك أن الخطأ و الظلم يجب أن يُرفع عن بنات جنسي لكن تعميم المشكلة وتذكيرهابهذا الشكل و جعل الرجل فيها هو الشرير و المرأة هي الضحية لا أتقبله و لا أستوعبه، و أعلم أنه سيُبقي الصراع محتدما بين المرأة و الرجل إلى وقت طويل ، و في النهاية هدم كيان الأسرة و تفكيكها سيكون نتيجة منطقية .

هدم الأسرة لن يكون هو الطريق الصحيح الموصل إلى تمكين المرأة من النجاح و التفوق و التميز ، ثوابتنا الاسلامية التي تنشب حولها معركة شرسة اليوم يسميها البعض اهتمام ساذج بلباس المرأة ، في حقيقتها هي معركة فكرية بين تحصين الأسرة و بين تفكيكها و تشويهها و ذلك بضرب الحلقة الأقوى فيها .. المرأة ، المرأة التي هي أكثر من نصف المجتمع ، المرأة المسلمة التي لن ترغب أبدا في النموذج الغربي لأنها تمتلك نموذج أفضل ، نموذج يراعي فطرتها و دورها في الحياة و يجعل خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم يوصي بها حتى آخر أيام حياته بأبي هو و أمي ، يوصي بها و يقول : (رفقا بالقوارير) و ما أروع التشبيه ، نعم رفقًا بنا.

سأدعو كل امرأة تقرأ كلماتي هذه إلى أمرين : - اقرأي ، فكري ، لا تقبلي الأفكار المستوردة  لأن أفكارك هي المحرك ، هويتك تشكلها أفكارك التي تؤمنين بها ، معتقداتك عن نفسك  و عن المجتمع و عن العالم من حولك ، و ان كنت حقا تؤمنين بالثوابت الإسلامية ، تؤمنين ب لا إكراه بالدين ،  تؤمنين بالحجاب ، تؤمنين أن القرآن و السنة النبوية مصادر التشريع فاجعليهم المرشّح (الفلتر) لكل فكر جديد، لكل دعوة جديدة ، لكل صيحة و هبّة .

و الأمر الثاني :  كبري الصورة لتشاهدي تفاصيلها بوضوح ففي كثير من الأحيان يُخفي المشهد ، أكثر مما يَظهر منه  .. ليس القضية لباس أو حجاب ، القضية ثوابت إسلامية ، و أسرة مستقرة غير قابلة للتفكيك أو الذوبان  و دمتم في رعاية الرحمن .

ليست هناك تعليقات: