سويره
قبل أيام صعدت ابنتي الى السيارة بعد يومها الدراسي الطويل و أخرجت ورقة مهمة مهمة جدًا - بحسب كلامها- كان عليها أن تحفظ ما كتب فيها للاحتفال باليوم الوطني، فتحت الورقة المهمة فإذا هي حكاية ”سويرة“ ابتسمت و بدأت أرددها معها في طريق عودتنا للمنزل :
” سويره راحت البر ، تجيب العيش الأحمر و …. ” بدأنا نكرر هذه الكلمات المهمة حتى تحفظها ابنتي فاطمة للحفلة و من يومها ذاك و الأسئلة الفضولية لا تتوقف حول كل ما يخص سويره ، و عيش سويره ،و أخوال سويره ، و البر الذي ذهبت إليه سويره ، كنت سعيدة و أنا أروي لها عن نموذج الكويتية السنعة التي تجهز الطعام لأخوالها إكرامًا لهم و صلة للرحم و طبعا حتى لا يفهم الموضوع خطأ تحدثنا عن الأعمام أيضا :) .
كنت سعيدة بالتراث الذي أرادت المدرسة تسليط الضوء عليه ، التراث الكويتي الذي يؤصل للأخلاق و القيم و يعلم البنت السنع و الأدب كان من أفضل الوسائل للاحتفال الوطني، فتنشئة بنت مؤدبة خلوقة سنعة تعرف واجباتها من أفضل ما يمكن تعزيزه في ذكرى اليوم الوطني .
البخنق
كانت زيارة محل الملابس الشعبية من مشاوير الأسبوع المهمة ، اشترينا بُخنق سويره ، و خرجنا عن النص قليلا عندما قررنا استبدال الدراعة بالفستان المنفوش الملون بألوان علم الكويت ، كانت تنظر الى نفسها بالمرآة سعيدة بالبُخنق و من فرط سعادتها كادت تنام به تلك الليلة ، هذا الموقف حرك في نفسي الكثير من التساؤلات و سمعت في أذني يومها صوت حمود الخضر يقول :
( ما حلات البنت إلا في حياها و في سترها)
تساءلت في نفسي لو كبرت سويره تلك على لبس البخنق هل كانت ستقول يوما:
( أعلم أن الحجاب فرض لكن لست مستعدة نفسيا للبسه؟ ) هل كانت سويره ستجد حاجزا نفسيا بينها و بين الستر و الحشمه و هي التي كانت تحفها غيرة الأب و غيرة الأخ الذي ما قبل لها الخروج ”للسكة“ بدون البخنق من صغرها ؟
ما بال سويرة السنعة التي كانت تتقبل و تحترم هذه الغيرة المنضبطة من الرجل الكويتي بعدم السماح لها بالخروج سافرة الرأس ..
و ما بال هذه الغيرة اليوم أصبحت تسمى تدخلا في حريتها الشخصية ؟
و هل الغيرة المنضبطة من الرجل مذمومه أم هي من فطرة الرجل و طبيعته ؟
في حديث البخاري لما قال سعد بن عبادة : ( لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح) فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ( أتعجبون من غيرة سعد؟ و الله لأنا أغير منه ، و الله أغير منى ، ومن أجل غيرة الله حرّم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن )
لقد جاء الإسلام فمدح بعض الصفات و ضبطها بالشرع و كذلك استحسن بعض العادات العربية الطيبة و عززها بتشريعات ربانية نزلت في كتابه الكريم نتلوها حتى يومنا هذا فأمر البنت بالستر و الاحتشام و عدم اظهار الزينة ، وفرض عليها الحجاب و على مدى قرون منذ فجر الإسلام إلى اليوم و الحجاب كما الصلاة و الزكاة مما هو معلوم من الدين بالضروره بدليل أن الكثير من الأسئلة كانت ترد لرسول الله صلى الله عليه و سلم عن الحجاب في الحج و في الخروج لصلاة العيد وفي الكثير من المواقف التي ثبتت في السنة النبوية الصحيحة و المرتبطة ارتباطًا وثيقا بالحياة اليومية، لم ينكر الحجاب على مر التاريخ الإسلامي أي مذهب أو طائفة من السنة و لا من الشيعة .
حتى خرج علينا من يكتب كتابا كاملا يسميه أكذوبة الحجاب و هو غير قادر على قراءة آية من سورة النور أمام الجمهور ، و غيره كثييير ممن كتب يبغي أن يخلع الحجاب بقلمه من فوق رؤوسنا و تأبي الشمس أن تتوارى خلف الكف الصغيرة !
ينادون أولا بعدم وجوبه ثم ينتقلون إلى التهوين من عقوبة تركه و يفسرون الكتاب و السنه حسب أفهامهم و يرفضون قبول تفسير من بات على الكتب يسهر الليالي يتقن العربية و يحفظ الكتاب و اسباب النزول و يحمل في جوفه علوم القرآن كلها ، ثم يدّعون أن أفهامهم أبلغ حدةً ممن قالوا بأن الحجاب تشريع رباني ثبت في القرآن و ثبت في السنة المطهرة الصحيحة و ثبت بإجماع المسلمين ، يناقضون أنفسهم و يرددون كلام الملاحدة و هم لا يشعرون حين يقولون : لماذا لا يحتجب الرجل كما تحتجب المرأة؟
و هل أمر الله الرجل بالحجاب ليحتجب؟ فليحتجب الرجل إن كان الله أمره بذلك !
يمنحون عقولهم السلطات المطلقة و يغفلون عن رفع ايديهم و الدعاء بصدق : اللهم أرنا الحق حقا و ارزقنا اتباعه و أرنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه . فوالله ما رد الله يدي عبدٍ صفرا ! و والله ما زادتنا شبهاتهم إلا تمسكا بهذا الحصن الرباني الحصن الذي رفع الله به مكانتي بين الناس و ميزني به عن سائر نساء العالمين .
إن الستر و الحياء الذي يملأ التراث الكويتي و الشهامة و الأخلاق و المروءة المتأصله في رجال و نساء الكويت ستبقى أبدا في هذا البلد الطيب ، وإن إدراك روعة هذا المجتمع بقيمه و أخلاقه تدفعنا للحفاظ على هويته و تعزيزها في نفوس البنات و الأبناء ، و دامت الكويت بلد الحرية ، بلد الخير و السلام ، بلد العزة و الكرامة و حفظ الله الكويت و شعبها من كل مكروه.
هناك تعليق واحد:
كن اجمل ما قرات عن الحجاب . كم احب ان تقراه ابنتي
إرسال تعليق