الجمعة، 13 فبراير 2009

خواطر في التربية 1




من أصدق المقولات التي قرأتها في التربية :



" سلوك طفلك انعكاس لسلوكك "


قبل عدة سنوات تشرفت بزيارة زوجة الدكتور عدنان الشطي في منزلها في منطقة مبارك الكبير .. بالرغم من انها كانت زيارة قصيرة جدا جدا لم تتجاوز الساعة لكنها كانت مفيدة جدا و الأوراق المصورة التي أخذتها منها لازلت اعتز بها و احتفظ بها و بالمناسبة كان هذا لقائي الوحيد بها بخلاف المكالمات الهاتفية .. لا زالت كلمتها ترن في أذني و ما كنت أفهمها جيدا آنذاك قبل ما يقارب الـ 6 سنوات .. لكن اليوم أؤمن بها بشدة ..


قالت .. -بما معناه- : لسنا نحن من علمنا أطفالنا .. بل هم الذين علمونا ..


وقتها كنت أتساءل كيف ؟ كيف تقول ذلك بعد كل هذا الجهد الذي تبذله لتعليم ابناءها خاصة عندما كانت في الغربة؟


و اليوم أنا أجيب عن هذا السؤال..


عندما تريد من أبناءك أن يكونوا حفظة لكتاب الله مثلا و تريد أن يكون بيتك .. بيت قرآن





سوف تتعلم و تحفظ القرآن .. ستخجل أن يسبقك ابنك الصغير فيختم القرآن و انت لم تختمه بعد كل هذه السنوات ..

عندما تريد أن تعلم ابنك العقيدة الاسلامية و الأخلاق منذ نعومة أظفاره .. لابد أن تبحث لترى ما هو المناسب لطفلك في هذا السن و ما هو الاسلوب المناسب حتى لا تفوت الغرس في السنوات الاولى (التعليم في الصغر كالنقش على الحجر) .. هذا سيجعلك تبحث و تقرأ في العقيدة و الأخلاق و الحديث ربما


(استطراد :


بالمناسبة .. كتاب منهاج الطفل المسلم .. لـ فهيم مصطفى .. كتاب جيد يساعد في وضع خطة مناسبة لغرس العقيدة و السلوك و الأخلاق و الاسلامية عند الطفل.. كتاب سلس .. استفدت منه كثيرا مناسب لمرحلة رياض الاطفال و المرحلة الابتدائية)


عندما تريد أن تعلم ابنك اللغة الانجليزية مثلا .. ستبحث له عن الأفضل .. شئت أم أبيت ستجد نفسك تتعلم مع طفلك


عندما تريد أن تعلمه النحو و الصرف و الأدب . . ستقرأ و تقوي نفسك في هذا الجانب لتعرف .. ما هو المهم و المناسب لعمر طفلك لتعلمه اياه ..


انت تقرأ و تدرس .. لتضع منهج لتعليم ابنك ..

لا يتعامل كل الناس مع أبناءهم بهذه الطريقة .. كثير منهم يعتقدون بالتالي : أستطيع أن اسجل ابني في مدرسة خاصة ثنائية اللغة اسلامية قوية و تقوم هي بكل المهمة .. لا ألومهم انا كنت أعتقد ذلك

و منهم من يعتقد أن تحفيظ القرآن مثلا أمره محلول .. حلقات الأوقاف أو حتى بإمكاننا الاتفاق مع شيخ يأتي مرة أو مرتين في الاسبوع ليساعد الطفل على حفظ القرآن ..

النوادي الصيفية .. القاعدة الحلبية ..عالمي الممتع .. و غيرها كثيييييييير من مراكز تعليمية تساند دور المدرسة منتشرة في الديرة و من يسأل يجد ..

فهل بالفعل هذا يكفي ؟ بمعنى .. هل أستطيع أن أوكل مهمة التعليم بشكل كامل الى أطراف خارج المنزل ؟








ربما نعم .. و ربما لا .. هذا يتوقف على عوامل كثيرة منها ما هو متعلق بك أنت .. ماهو تصورك و طموحك في تربية هذا الطفل؟ و منها ما هو متعلق بالطفل نفسه و قدراته و امكاناته و منها ما هومتعلق بتلك المؤسسات أو الأفراد التي ستتولى مهمة التعليم .. طبعا أنا لا أعتقد أن المدرسة تكفي .. مهما كانت قوية .. و المدارس الخاصة و الحكومية في الكويت هذي يبيلها بوست بروحها



المهم نعود للسؤال هل أستطيع أن أوكل مهمة التعليم بشكل كامل الى أطراف خارج المنزل؟


رأيي في الموضوع كالتالي:



على الأقل خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل .. سيكون الجواب حتما .. لا .. لن يكون التعليم ممكنا إلا من الأشخاص المألوفين عند الطفل .. الأم و الأب و أي شخص آخر يألفه الطفل منذ أن تفتحت عيناه على الدنيا



قد يقال .. أي تعليم في السنوات الثلاث الأولى ؟



من يفوت هذه السنوات الاولى فقد فوت خيرا كثيرا.. لا يبدأ التعليم من الحضانة .. يبدأ قبلها .. بل يقال أنه يبدأ منذ أن يبدأ الطفل بسماع الأصوات بشكل خافت و هو في بطن أمه (نسيت في أي شهر .. يمكن السابع)




كنت اعتقد أن مرحلة رياض الاطفال هي أهم مرحلة تعليمية للطفل .. لكني الآن غيرت رأيي



و هنا أذكر كلمة قالها لي مرة د.سليمان شمس الدين .. عندما سلم على ابنتي الصغيرة و كنت اصطحبها معي في إحدى الدورات..



قال: التعليم في مرحلة ما قبل رياض الأطفال (الحضانة) أهم من التعليم في رياض الأطفال .. كلمته صحيحة ..



لكني الآن أعتقد أن إعداد الطفل و تنبيه حواسه في مرحلة ما قبل الحضانة و خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل ..


أهم من تسجيلة في حضانة قوية و ممتازة..


هذا فيما يتعلق بالسنوات الثلاث الأولى .. أما بعد ذلك .. فعندي رأي شخصي .. قبل أن أصرح به.. أسألكم ..



هل تعرفون ما الفرق بين الأم اليابانية و الأم الأمريكية؟


الام اليابانية تعتقد أن التعليم مهمتها هي .. و المدرسة مكملة و مساعدة


الأم الأمريكية تعتقد أن التعليم مهمة المدرسة كليا


أعتقد أن الآخرين (المدرسة و المؤسسات التعليمية الأخرى) لن يحققوا لك طموح لا تعرف أنت شخصيا ما هو ؟



لذلك نصل إلى أهمية وضع خطة تعليمية للطفل .. مثلا :



في عمر ---- يستطيع العد الى 10 و يمسك القلم بشكل جيد


في عمر ---- يستطيع ابني القراءة


في عمر ---- يحفظ الجزء الثلاثين


في عمر ---- يكتب باللغتين العربية و الانجليزية .. ممكن تضيف لها الفرنسية .. أنت حر


في عمر ---- يفهم معنى أركان الاسلام و أركان الايمان


في عمر ---- يسبح و يجيد الرماية و ركوب الخيل


في عمر ---- تكون له هواية واضحة يمارسها

ممكن أن تكون هذه الأهداف مصنفة تحت مجالات رئيسية مثلا: تقسم الاهداف الى


تنمية العقل


تنمية الروح


بناء الجسم السليم


ليس بالضرورة أن توضع الخطة بهذه الصورة .. صور كثيرة و نماذج كثيرة في الكتب التربوية المختلفة ممكن أن يختار كل واحد ما يناسبه منها .. أو يبتكر ما يناسبه

المهم أن تكون هناك خطة .. و في مرحلة ما .. عندما يكبر الطفل يجب أن تسوق هذه الخطة للطفل .. لتصبح خطته و ليست خطتك أنت

هذه الخطة أيضا .. يجب أن تكون مرنة .. طفلك يخاف من الماء و لا يحب السباحة .. لا تجبره .. انتظر الوقت المناسب



لكل شيء تريد أن تعلمه للطفل و تكسبه اياه هناك دائما وقت مناسب ..


ليس الوقت الذي يقترحه عليك المتخصصين أو مؤلفين الكتب التربوية هو بالضرورة الوقت المناسب .. لا ..


بل عندما يبدي الطفل نفسه استعدادا لهذا الامر الذي تريد أن تغرسه فيه و تعلمه اياه .. عندما تجد ابنك يستحسن هذا الشيء و يستمتع به ..


عندما يسألك من وضع الأزهار في الحديقة .. كلّمه عن الله .. علمه أن الله خالق كل شيء



من أهم مهام المربي الناجح باعتقادي .. قوة الملاحظة و اقتناص الفرص لتحقيق الخطة الواضحة التي وضعها لتربية و تعليم الطفل...


و هنا سأجبر نفسي على التوقف .. و لنا حول الموضوع حديث آخر لاحقا ان شاء الله ..

هناك 13 تعليقًا:

منطلقة بطموحي يقول...

مقالة رااااااائعة

جزاكم الله خيرا

فعلا التربية هو دور الأسرة . و المدرسة هي فقط تكميلية أو مساعدة .

عندما تكون الأم متحمسة في تربية ابنها ، و مستعدة في ذلك ، و تبتكر وسائل جميلة في توصيل المعلومة لإبنها ، مع عدم التناقض مع ما يتعلمه و ما تفعله هي ! .

لو كان الولد يتعلم شيئا ، و هي تقوم بفعل النقيض ، سوف يسبب تلخبط في مخ الطفل و لن يفهم ما يحدث و يقلد امه :(

مركبنا يقول...

ممتاااااااااااز
ووفقتي يا عين

استمعت مرة لمحاضرة لدكتور السويدان وجدا استمتعت بها كانت تتحدث التربية ،،

ومنحنى اخر التربية بالقدوة هو الاسلوب الاول والاخير
لهذا نجد ان الابناء يعانون بين والد غير مثالي يريد المثاليه
موقف ،، عذرا بس للفائدة
مرة كنت بالسوق وطفل قاله لاخيه ياحمار فردت الام ياحمار لا تقول ياحمار

الحارث بن همّام يقول...

تسجيل حضور واعجاب


ولو اني مالي بمواضيع التربية

bsma يقول...

شكرا عزيزتي لهذا البوست الرائع .. وأود أن أضيف ...
انني سمعت مستشارة نفسانية أمريكية تتحدث عن موضوع التربية فتقول ان دور الأم يرتكز في كيفية تعليم ابناءها اسلوب المعيشة في الحياة- اما ماذا يفكر أو ماذا يقرر فهذا شأنه هو - واعتقدأن هذا ما يؤكده كلامك حول نظرية المدرسة الأمريكية في التربية.

بالتوفيق وبانتظار البوستات القادمة :))

بوسند يقول...

بوركت أناملك التي سطرت هذه الكلمات النيّرات ..

بما أني جديد في على هذا المجال فسأكتفي بالقراءة و الاستفادة فقط ..


لاتحرمينا من المزيد ..

تحياتي

Bayariq يقول...

بارك الله فيك على هذا المقال الذي نحتاجه بين الحين والاخر لانه من صميم اعمالنا اليومية والتي سنحاسب عليها يوم القيامة وهي تربية الابناء وتنشئتهم

مستعدة يقول...

ما شاء الله ..هالإنسانة بالذات ما تضيع أي فرصة تتيح لها في إنها تنصح وتفيد الناس من تجاربها..

وبالرغم من إني مو من النوع اللي تشدني مواضيع التربية لكن صياغتك للموضوع كما عهدناكِ رائعة ما شاء الله:)..


جزاكِ الله خير :)..

يقول...

منطلقة بطموحي
-------------

مرحبا بك
أوافقك تماما ..
في ضرورة أن لا يكون هناك تناقض بين ما يتعلمه الطفل و ما يراه عمليا

لأنه في النهاية أسهل له أن يقلد ما يرى و ليس ما يسمع


مركبنا
--------

الله يوفقك ..

ذكرتيني بطارق السويدان أقوى محاضرة حضرتها له عن التربية كانت بمناسبة الاعلان عن افتتاح أكاديمية الابداع

بالرغم من أنه لم يكن لدي اطفال في سن المدرسة و لا الحضانة لكن لم أفوتها

و الحمدلله كانت قوية جدا لا أنساها
الله يحفظه .. يعطي الواحد جرعات من الاصرار بمثابرته

أما الموقف اللي في السوق .. مت من الضحك عليه .. صج والله لما تراقبيني الناس شلون تربي عيالها تشوفين مفارقات طريفة

:)

يقول...

الحارث بن همام
------------

يسعدني تواجدك ..

لست مع .. تأجيل الاطلاع في مجال التربية الى أن يكون عنده الانسان طفل

الاستزادة من هذه المواضيع تفيد في كل حال ..


بسمة
------

نورتينا

بالضبط .. الأمريكان دائما شايلين ايدهم .. شوفي مثلا الانضباط و الالتزام بالقيم و المباديء عند اليابانيين و شوفيها عند الأمريكان

هذه الأشياء .. تغرسها أم
ليست أشياء يتعلمها الواحد من كتاب أو دورة في يومين او ثلاث

يقول...

بوسند
------
ان شاء الله تجد ما هو مفيد..

يايك المزيد ان شاء الله ..

هذا تسخين بس :)

بيارق
------

لك اسم جميل كجمال يوم النصر القادم :)

أشكر تواجدك

بالفعل .. سنحاسب .. هذا هو الدافع الاول
أما الدافع الثاني أن تربية الأبناء البررة ليكونوا صناع تاريخ و قادة في الأمة ممكن أن تدر عليك الأجر الى يوم القيامة حتى و انت في قبرك


مستعدة
-------

تعلم مهارات التربية تفيد في كل حال

أشكر اطراءك على اسلوبي

يسعدني تواجدك دائما

بوسند يقول...

سمعت من أحد التربويين ، أن تربية الطفل في أيامه الأولى خارج نطاق الأسرة أمر مفيد للطفل ، ودلل على ذلك بفعل العرب عندما كانوا يرسلون أبناءهم الصغار إلى البادية .. وكان منهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما أرسل مع حليمة السعية ..

مارأيك ؟

يقول...

لأنها (البادية) يابوسند

هذا هو الوجه الذي أراه مفيدا

أضَف الى ذلك أنه اذا كانت الام غير قادرة على ارضاع الطفل فهي تقوم باستئجار مرضعة

لأن ما عندهم حليب صناعي :)

أما اليوم تقول لي أن أعطي ابني لآخرين يربونه سنوات طويلة..

لا أتقبل هذه الفكرة أبدا

أعتقد أن الظروف مختلفة تماما

بوسند يقول...

أتوقع بأن الحضانة تقوم مقام البادية والمرضعة في ذلك الوقت ..

الله يخلي ال سيميلاك :)

في ظني أن خروج الطفل من البيت وأخذه ( قسطا) من التربية المركزة خارجه (حضانه) يساهم في تعرفه على العالم واتساع أفقه وفيه تقوية لشخصيته ..

والله أعلم